Author

العودة بحذر وإدارة الأزمة

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
وباء كوفيد - 19 أعاد حسابات كثير من دول العالم في ظل اضطراب وتباين في ردود الفعل بينها، ما أدى إلى استفحال هذه الأزمة وامتداد تأثيرها بشكل كبير في العالم ومعاناته منها ما زالت مستمرة، وما زال الوباء ينتشر والعالم في قلق من احتمال وجود موجة جديدة من انتشار هذا الوباء أو الجائحة، تكون أشد قسوة وأكثر تأثيرا في الحياة العامة في العالم.
هذا الوباء ولد مجموعة من الأزمات في العالم، منها أزمة الديون، حيث أصبحت دول العالم في حالة تتطلب منها الاستدانة بمبالغ هائلة قد يكون بعضها غير مسبوق، ودول كثيرة في العالم اليوم تتحمل عبء مديونيات تتجاوز ناتجها القومي في الأساس والآن تضاعفت هذه المديونيات، ما يجعل عبئها ثقيلا مستقبلا. ومن الأزمات، البطالة التي تعد أكثر مظاهر هذه الأزمة باعتبار صعوبة وجود حركة في كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب الإغلاق العام لكثير من الأنشطة الاقتصادية، وهذا كله ستكون له تبعات متراكمة على الاقتصاد.
الآن، وبعد أن أصبح العالم في حالة يصعب عليه تحمل الاستمرار في الإغلاق للأنشطة الاقتصادية، أصبح العالم أمام خيارات محدودة، لذا بدأ يبحث عن طرق لعودة الحياة إلى طبيعتها. واليوم، نشهد البرنامج الوطني "نعود بحذر" وفق آلية تراعي التدرج في العودة إلى الحياة الطبيعية، سواء في الدوائر الحكومية أو الأنشطة التجارية ومنافذ البيع في مختلف المحال التجارية، إضافة إلى أنشطة الشركات والمؤسسات والمصارف ومختلف القطاعات، وتم وفق آلية تمكن تلك المؤسسات من ترتيب أوضاعها بما يحقق بيئة أكثر أمانا لموظفيها ومراجعيها والمجتمع.
الحقيقة: إن جائحة كورونا يمكن أن يتعلم منها العالم كثيرا، كما يمكن للمجتمع في المملكة أن تكون لديه مجموعة من التدابير للتعامل مع هذا الانتشار للفيروسات، إذ إن العالم أصبح أكثر تقاربا من أي وقت مضى، فما يحدث في الصين سيتجاوز صداه إلى أمريكا الشمالية، وبالتالي من المهم أن يكون أسلوب الحياة في المجتمع يراعي احتمالية تكرار هذه الحالة لانتشار الأوبئة، فهي ليست جديدة، ولا يعلم غدا كيف سيكون العالم بعد انتشار جائحة أخرى محتملة قد تكون أشد أو أخف فتكا بالبشر، إذ إن مثل هذه الفيروسات تحصل في العالم مستقبلا، فيعود إلى حالة من الاضطراب لتتكرر تجربة كوفيد - 19 مرة أخرى.
كثير من البحوث والدراسات الطبية في العالم يركز على الوصول إلى لقاح، ودراسات أقل تهتم بإنتاج الدواء، وبدرجة أقل بشكل واضح الدراسات الخاصة بأساليب الوقاية من الفيروسات، إذ إن أساليب الوقاية من انتشارها برزت كأقل أهمية، رغم أنها أقل صعوبة وتعقيدا من إنتاج لقاح أو علاج للمرض، ولعل الأسوأ من ذلك تضارب الدراسات الخاصة بسلوك الفيروس، التي تحدد المدة التي يمكن أن يبقى فيها خارج جسم الإنسان، وأسباب الانتقال له، إضافة إلى أدوات الوقاية اللازمة للحد من انتشاره، فضلا عن وجود دليل إرشادي يوضح الأسلوب الذي ينبغي أن يتبعه الإنسان للوقاية قدر الإمكان من تلك الفيروسات. ويظهر أنه أصبح لزاما أن تتضمن المناهج التعليمية موضوعات تتعلق بالفيروسات يتعلمها الطلاب في مراحل التعليم العام، إضافة إلى سبل الوقاية التي ينبغي أن يتبعها المجتمع كي لا ينتشر الوباء.
مع البرنامج الوطني "نعود بحذر"، أصبح من المهم أن يكون ذلك أسلوبا متبعا لمواجهة الأوبئة في المجتمع، والحقيقة: إن معظم أفراد المجتمع بدت عليهم مظاهر الشعور بالمسؤولية والالتزام بالتوجيهات الحكومية، فما تشهده المساجد في المملكة، يظهر حجم الالتزام، كما يلاحظ الالتزام عموما بالإرشادات في عموم المواقع، وحرص المجتمع على التضامن من أجل سلامة الجميع وتقليل احتمالية انتقال العدوى، ما يقود إلى العمل على أن يكون هذا أسلوب حياة بمجرد معرفة وجود علامات لانتشار وباء أو مرض في العالم، حيث إن هذه التجربة المريرة يمكن أن نتعلم منها دروسا دائمة للمستقبل بما يحقق أمن وسلامة كل من يقيم على هذه الأرض الطاهرة.
الخلاصة، البرنامج الوطني "نعود بحذر" من الممكن أن يكون برنامجا مستداما، بهدف مراعاة صحة الإنسان في هذه الأرض الطاهرة، كما أنه يخفف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تنشأ في المجتمع، حيث إن حالة العالم اليوم والتقارب الكبير فيما بينها، تتطلب إجراءات وقائية أكثر فاعلية، كما أنه أصبح من الأهمية بمكان أن تتضمن المواد التعليمية معلومات عن الفيروسات والتدابير الوقائية المطلوبة من الفرد والمجتمع.
إنشرها