السيارات الكهربائية وتحديات المستقبل «1من 2»

الحديث هنا عن تبديد المفاهيم الخاطئة المرسومة عن السيارات الكهربائية التي تعوق انتشارها، فإذا ما ألقينا نظرة على المدن حول العالم، من برلين إلى بغداد، ومن بانكوك إلى بوينس أيرس، ومن بوسطن إلى باتون روج، سيبدو جليا أن أوقات الازدحام والعطل، تؤثر في إنتاجيتنا وفرصنا بنيل قسط من الراحة. حيث نجد أنفسنا عالقين في علبة معدنية تزن نحو الطن، وتتحرك ببطء نستنشق فيها هواء ملوثا. بالطبع نستطيع القيام بما هو أفضل ولحسن الحظ هناك أطراف تعمل بجد لتسريع عملية الانتقال إلى السيارات الكهربائية.
في هذه الأثناء، تحاول أطراف أخرى ممن لديها مصلحة في تعطيل عجلة التحول إلى السيارات الكهربائية، الترويج لأربع فرضيات زائفة:
1 - السيارة الكهربائية مجرد تحويل التلوث واستهلاك الطاقة من السيارة نفسها إلى محطات البترول والغاز والفحم أو الطاقة النووية أو أي مكان آخر.
2 - إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية والتخلص منها يعد مصدرا خطرا للتلوث.
3 - قد تنهار الشبكة الكهربائية تحت ضغوط زيادة الطلب.
4 - لا ترقى التكنولوجيا المستخدمة في شحن السيارات الكهربائية إلى أداء محطات البترول نفسه، أو تمكين المستهلكين من السفر لمسافات طويلة.
لنلق نظرة على مخاوفهم المطروحة مرة واحدة، فمثلا: استهلاك الطاقة في السيارات الكهربائية، في الواقع، أي جسم متسارع أو يتحرك إلى الأمام بعكس مقاومة الهواء يحتاج إلى طاقة. تعد الفاعلية التي نقوم من خلالها بتحويل المصادر الأساسية للطاقة "مثل الغاز والبترول" إلى حركة باتجاه الأمام أمرا مهما.
يحتاج محرك الاحتراق إلى أن يكون صغيرا بشكل يكفي لوضعه في السيارة، وخفيف الوزن لضمان سهولة حركة المركبة، ونظيفا لإجازة استخدامه. يعمل المحرك الواحد على تشغيل سيارة واحدة، ويجب إنتاج واحد آخر في كل مرة. يستخدم المحرك مصدر الطاقة الأساسي ويحوله من خلال ما يقارب ستة آلاف انفجار في الدقيقة إلى طاقة حركية.
يتبع التحول من مصادر الطاقة الأولية إلى الكهرباء نهجا مختلفا. فمحطات الطاقة الضخمة الموجودة خارج المدن لا توجد عليها قيود من حيث الحجم أو الوزن، ولا تحتاج إلى أن تكون متنقلة. محطة الطاقة الفردية كفيلة بخدمة ملايين السيارات والآلات، ويمكن تصفية التلوث الناتج عن مصدر واحد، ما يجعل الاستثمار في مراقبة البيئة بشكل أفضل أكثر فاعلية.
بإمكان أي طالب هندسة أو فيزياء في عامه الأول إثبات أن أي آلة تواجه بعض التنازلات والمفاضلة بين كفاءة تحويل الطاقة والقيود الأخرى المفروضة. فإذا ما تعين أن يكون حجم الآلة أصغر ووزنها أخف أو أكثر قابلية للحركة، فمن المرجح أن تفقد من كفاءتها. يتحتم عن ذلك أن يكون لمحرك الاحتراق الحديث في السيارة معدل كفاءة أعلى من 20 في المائة، مقارنة بـ 70 في المائة لمحطة الطاقة الحديثة. أي أن عشرة لترات بترول، التي تمكننا من السفر لمسافة 100 كيلومتر، ستولد كهرباء تكفي لقطع مسافة 350 كيلومترا. وسيكون الفرق في الكفاءة أكبر إذا ما أخذنا في الحسبان التكلفة والطاقة المستخدمة في تكرير النفط الخام وتحويله إلى بترول ومن ثم نقله إلى محطات البترول حول العالم... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي