تحمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فرصا واعدة أكبر لتوليد الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وأصبحت أسعارهما الآن في نطاق أسعار الوقود الأحفوري نفسها.
وإضافة إلى ذلك، فإن الظروف اللازمة لإنتاج الطاقة الشمسية ممتازة في إفريقيا التي لا تتميز بوفرة أشعة الشمس وحسب، بل بإمكانية الاعتماد على سطوعها أكثر من أي مكان آخر في العالم. وبدأ الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة يتزايد زخمه بالفعل في إفريقيا. فقد عقد كل من جنوب إفريقيا وأوغندا وزامبيا مزادات بشأن الطاقة المتجددة حققت أسعارا تنافسية واستقطبت مستثمرين من القطاع الخاص. ويوجد بالفعل عدد من محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في جنوب إفريقيا بسعة إنتاجية تتجاوز 100 ميجاواط. ويعد مشروع بحيرة توركانا لطاقة الرياح في كينيا قصة نجاح أخرى.
وعلى الرغم من الأمثلة الناجحة في كثير من الدول، شكلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 3 في المائة فقط من الكهرباء المولدة في إفريقيا في 2018 مقارنة بنسبة 7 في المائة في مناطق أخرى من العالم. ويهيمن الوقود الأحفوري على إمدادات الكهرباء في إفريقيا، وتأتي بعده الطاقة الكهرومائية بدرجة أقل 79 في المائة و16 في المائة، على التوالي.
دائما ما كانت مشكلة الطاقة المتجددة تكمن في تقلب إمداداتها، وهو ما يفرض تحديا إزاء الاعتماد على الطاقة المتجددة كمصدر للطاقة الكهربائية. وتساعد التطورات التكنولوجية التي تحقق استقرار الإمدادات من الكهرباء على زيادة حصة الطاقة المتجددة من إمدادات الطاقة.
وتشمل هذه التطورات استخدام الطاقة الكهرومائية كمصدر احتياطي للطاقة خلال فترات ذروة الطلب، وتجميع الإنتاج الكهربائي من مناطق جغرافية مختلفة بوساطة شبكة كهرباء ذات ربط جيد، وتعديل الطلب على الكهرباء بناء على الإمدادات منها، وتخزين الطاقة باستخدام بطاريات التدفق والتحليل الكهربائي بالهيدروجين. وفي الوقت الحالي، فإن نسبة الطاقة المتجددة المتغيرة من إجمالي إنتاج الطاقة منخفضة للغاية حتى إن هذا التغير لا يمثل شاغلا كبيرا.
ومع زيادة هذه النسبة، يمكن نشر هذه الخيارات بوتيرة معقولة. ومع هذه التطورات التكنولوجية، فإن إفريقيا يمكن أن تعتمد بنسبة 100 في المائة على الطاقة المتجددة بحلول 2050 دون إبطاء مسيرة التنمية.
وحول التغلب على التحديات المالية أصبح التمويل يمثل أكبر تحد الآن. ويعد إنشاء محطات الوقود الأحفوري رخيصا نسبيا ولكن تكلفة تشغيلها كبيرة، حيث تتطلب شراء الوقود بشكل مستمر. في المقابل، لا يكلف تشغيل محطات المصادر المتجددة كثيرا ولكن تكاليف تركيبها عالية، ويتعين تمويلها من البداية. وبالتالي، يتطلب وضع أساس للطاقة عالية الجودة لأغراض التنمية في إفريقيا نهجا شاملا إزاء التمويل، وإذا كان لإفريقيا أن تتخذ نهجا جديدا منخفض الكربون إزاء التنمية، فعلى الدول الإفريقية أن تقوم بتعبئة التمويل من جهات مانحة عامة وخاصة ومتعددة الأطراف وثنائية الأطراف لجمع الأموال اللازمة لمشاريع الطاقة المتجددة.
فعلى جانب القطاع العام، يمكن أن تحقق الحكومات الإفريقية إيرادات كبيرة عن طريق الحد من أوجه عدم الكفاءة الناجمة عن دعم الوقود الأحفوري، الذي يستفيد منه قطاعا الفحم والنفط أساسا. ويقدر هذا الدعم بنسبة 5.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لإفريقيا جنوب الصحراء، ومن شأن رفع الدعم تدريجيا - مع حماية الفئات الضعيفة - أن يسهم في جمع التمويل اللازم لمشاريع الطاقة المتجددة. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعبئ الحكومات الإفريقية مزيدا من مواردها المحلية لتغطية التكاليف الرأسمالية الأولية المرتبطة بالطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى أن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي في دول إفريقيا، جنوب الصحراء كان قدره 14 في المائة تقريبا في 2017، فإن لديها حيزا كبيرا لزيادة إيراداتها الضريبية. ويمكن أن يسهم استخدام ضرائب الكربون في زيادة الإيرادات الضريبية وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة من الوقود الأحفوري.
وعلى جانب القطاع الخاص، على الدول الإفريقية أن تبذل جهودا كبيرة لاجتذاب الاستثمار الخاص إلى قطاع الطاقة المتجددة. فقد أشارت المسوح إلى أن المخاطر المرتبطة بالحوكمة - البيروقراطية المعقدة وتغير القواعد التنظيمية - هي أكبر تهديد يواجه استثمار القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة في إفريقيا. وسيستلزم اجتذاب التمويل الخاص إدخال تحسينات في مجال الحوكمة للحد من المخاطر السياسية. ومن شأن إصلاح القطاع المالي لتعزيز سوق السندات الخضراء الوليدة والحد من المخاطر المالية عن طريق نقل جزء منها إلى جهات عامة أن يساعد أيضا على اجتذاب الاستثمار الخاص.
وعلى الصعيد الدولي، تضطلع المؤسسات المالية المتعددة الأطراف بدور مهم في تيسير التمويل طويل الأجل لدعم الاستثمار في تخفيف آثار تغير المناخ. وإضافة إلى تحديد مصادر بديلة للتمويل، تقدم هذه المؤسسات مشورة مخصصة بشأن الاستخدام الفعال لتمويل المناخ.
يستند اتفاق باريس 2015 إلى التزام الاقتصادات المتقدمة بتعبئة ما يعادل 0.12 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي سنويا حتى 2025 لتلبية احتياجات الاقتصادات النامية. ومن شأن الوفاء بهذا الالتزام أن يمهد الطريق لانتقال إفريقيا إلى اقتصاد قائم على طاقة منخفضة الكربون، علما بأنها أقل القارات إسهاما في الاحترار العالمي، فلم يصدر عن القارة إلا نحو 4 في المائة فقط من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة. ومع ذلك، على مستوى العالم في 2018، فإن إفريقيا هي المنطقة الأكثر تضررا من تغير المناخ. وبالتالي، فإن تبدل المصير هذا يبرر بالتأكيد توفير مزيد من الدعم الدولي للقارة.
