لن تقضي الحواسب الكمية على الخصوصية في الإنترنت. فأكبر تأثيراتها في الواقع نشعر به خارج الشبكة، فمن المحتمل أن يواجه أمن الإنترنت عدوا جديدا: أجهزة الكمبيوتر الكمية. تستطيع تلك الأجهزة كسر خوارزميات التشفير الحالية، وإزالة خاصية الحماية عن البيانات عبر الإنترنت. وسيجني مصنعو الحواسب الكمية كثيرا من المال.
تشكل تلك التصريحات عناوين جذابة. ومع ذلك يجب علينا الحذر عند التفكير في الآثار المترتبة على العالم الحقيقي من جراء الحوسبة الكمية. ففي الواقع لم يتم حتى الآن تصنيع كمبيوتر كمي متعدد الأغراض. لكنه سيصبح حقيقة في أحد الأيام ومن المتوقع أن يكون كذلك في أقرب وقت، إلا أنه غير جيد في حل الألغاز المشفرة. يبيع بالفعل بعض الشركات مثل ATOS برمجيات كمية دون أن تقوم بصنع حاسب كمي. واستخدام تلك التكنولوجيا يجب أن يثير اهتمام أصحاب المدن الذكية أكثر من المهتمين بالخصوصية في الإنترنت.
وبشأن الحواسب الكمية ليست لفك الشفرات، تعالج أشباه الموصلات حديثة المعلومات باستخدام البت / BITS، وهي وحدات إما أن تكون 0 أو 1. تعتمد الحوسبة الكمية البت الكمي (البتات الكمية)، بإمكان البت الكمي أن يكون 1 و0، لذا فإن 2 بت كمية تمثل أربع حالات، وأربع بتات كمية تتخذ 16 حالة، وهكذا. إضافة إلى ذلك تعد البتات الكمية متشابكة كونها تستطيع التفاعل مع بعضها للتوصل إلى حل.
في حين تعطي أشباه الموصلات الحالية حسابات دقيقة (2 + 2 = 4)، تعتمد الحوسبة الكمية على الاحتمالات. إضافة إلى ذلك يتطلب معظم التقنيات التي تعتمد على البت الكمي درجة حرارة منخفضة جدا لتعمل. فالحرارة العالية تجعلها غير مستقرة، ما يؤدي إلى ضوضاء حسابية. عندما تقوم بحساب 2 + 2، سيخرج الحاسوب الكمي بعدة نتائج، أربعة منها هي الأكثر صحة. ومع ذلك، وبسبب الضوضاء، عندما يحسب شخص ما 2+2 مئات المرات قد يتأتى عن ذلك بعض التكرارات، الإجابة بـ (4) ليست الاحتمال الأعلى. في حين يستثمر عديد من الشركات أموالا طائلة للحد من الضوضاء في الحسابات الكمية، إلا أنه غالبا ما سيتخذ ذلك وقتا طويلا.
تجعل تلك الصعوبات من المعالجات الكمية غير ملائمة لمشكلات التشفير الشائعة. تعتمد أجهزة الكمبيوتر على حسابات دقيقة عند تشفير الملفات أو فك تشفيرها. لن يستطيع المستلم فك ترميز رسالة مشفرة باستخدام معالج كمي. فمثل ذلك المعالج لن يتمكن من تطبيق مفاتيح التشفير، وبالتالي سيتعذر فك الترميز وراء بروتوكولات الإنترنت الحالية.
وحول تطوير برمجيات كمية قبل تطوير الأجهزة فإنه كما نظن، لا يوجد معيار واحد لبناء حاسوب كمي. كما لو كانت فترة ما قبل المكامل العددي الإلكتروني، في الوقت الذي لم يكن أحد يعلم كيفية بناء الترانزستور، فضلا عن وحدة المعالجة المركزية. تستثمر شركات مثل "آي بي إم" و"مايكروسوفت" أموالا طائلة في بناء أجهزة كمية. هذه المهمة مكلفة وغير مؤكدة إلى حد كبير... يتبع.
