أياد «خضراء»
من حسنات ما تبع الجائحة من إجراءات، التفات بعض غير يسير من الناس إلى الزراعة المنزلية، بعضهم كجزء من "الفعاليات"، وآخرون من باب تفقد أجزاء المنزل، وآخرون عدوها فرصة، وأيا كان السبب، فهذه من فوائد هذه "الملمة"، ولكل ملمة "أسبابها" المعلومة والخفية، والأهم فوائدها إذا أمعنت التفكير والتحليل والربط بعمق وهدوء.
مع هذا الالتفات زاد اهتمام الناس بالأمر، ولمحت زيادة في مناقشات الأفكار والتجارب والنصائح على وسائل الاتصال والتواصل، ولعل رصدي يكون دقيقا إذا قلت، إن الحسابات المهتمة بهذا الشأن زادت كما زادت - على سبيل المثال - الحسابات المهتمة بالرياضة المنزلية.
بالتوازي، كان مبهجا خبر بدء أمانة الطائف في "تجربة" زراعة الأشجار المثمرة المناسبة لبيئة عروس المصائف، ومن قبله كان مهما ومبهجا اتجاه أمانة مدينة الرياض إلى زراعة أشجار تناسب البيئة ولها فوائد مثل "السدر" الذي يفضل كثير من السعوديين العسل المستخرج من أزهاره.
في بلد صحراوي يكلف فيه الماء المحلى الشيء الكثير، يجب أن يكون ما نسقيه كل يوم شيئا نرجو حصاده، اغرسوا الأشجار المثمرة، واغرسوا ثقافة الزراعة المنزلية وتشجير الشوارع بما يثمر أو يفيد شيئا.
ربما يكون ما سنحصل عليه كغذاء مجرد عينة رمزية، تغذي أجسامنا بحبور، وتغذي عقول أطفالنا بأن هناك رحلة تبدأ بالغراس، وتنتهي بالحصاد وأكل شيء على المائدة، تلك الرحلة التي لا يشاهدونها إلا في كتب المطالعة.
سيتعلم أبناؤنا بعد أعوام، أنه يمكن أن تنتج البيوت ملايين الثمار، ففي الأشجار المثمرة داخل المنزل دروس جميلة، واقتراب من الأرض، ورائحة أجمل للأوراق والثمار، والأهداف الأخرى متحققة، فهناك الظل، وهناك تقليص الغبار أو الحد منه نسبيا، وهناك خبرة حياتية نجد أنا - أهل الصحراء - تواقون إليها بدليل هذا العدد الهائل من المشاتل، والمسافرين لأكل الثمار اليانعة من الشوارع.
ليست المسألة بحث عن توفير فاتورة المشتريات من الخضار أو الفاكهة، لكنها مجرد نسبية حياتية، تخلص مما لا فائدة منه إلى ما يمكن أن يكون حاضنة للجهد والمال، ومربية للأجيال على الصبر لنيل الحصاد.
في كثير من المناطق سيصعب تحقيق معادلة أن " نأكل مما نزرع"، ومنتجاتنا الزراعية لا تزال أسعارها معقولة، لكن أحواض الزينة، يمكن أن تكون للزينة والفائدة، ويمكن اقتصاديا إعادة النظر في أوضاع المشاتل التجارية وطريقة عملها "الاستهلاكية" التي تحتاج إلى كتابة أخرى بإذن الله.
فلتكن منازلكم خضراء مثمرة بأيديكم.