Author

اتفاق الرياض .. خيار السلام في اليمن

|

حرصت القيادة السعودية منذ أعوام على تبني ورعاية وتصدر جهود صناعة السلام في اليمن، من خلال دعم ومساندة جهود الأمم المتحدة، وتأييد دعوات العالم للحوار، للوصول إلى حل سلمي للأزمة اليمنية. وأكد قادة المملكة في أكثر من مناسبة، أن السعودية ترحب وتدعم الحلول السياسية بين الأطراف اليمنية إذا أبدى الانقلابيون الحوثيون حسن نواياهم وجديتهم في تحقيق السلام.
وانطلاقا من هذه الزاوية، فإن كل تطور في اليمن، وكل ما يرتبط به إقليميا ودوليا، يؤكد للمرة الألف، أن "اتفاق الرياض"، الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، العام الماضي، هو الأساس لأي حل سلمي للأزمة اليمنية. وعندما حشدت المملكة الجهود من أجل التوصل إليه، وعرضت مآسي استمرار الحرب هناك، مع مزايا السلم الحتمي، كانت تقدم العلاج الناجع لهذه الأزمة. وهي أزمة ما كانت لتحصل لولا استراتيجية الخراب التي اتبعها الحوثيون في هذا البلد، وتسند - كما شهد العالم - إلى بعد طائفي بغيض ممول بصورة فاضحة من النظام الطائفي الإيراني. لم تتوقف السعودية منذ بدء الأزمة في اليمن، عن السعي إلى الحل السلمي، بل وضعت الرياض هذا الحل خيارا استراتيجيا وحيدا، من أجل الشعب اليمني أولا وأخيرا، ولكي يستطيع هذا الشعب إعادة بناء بلاده بمساعدة العالم، والسعودية في المقدمة.
وعلى هذا الأساس، يأتي اقتراح المملكة الأخير، لإطار من أجل إنهاء المواجهة بين الحلفاء في الجنوب اليمني، في الوقت الذي يتصاعد فيه العنف من جانب الحوثيين، الذين لا يريدون سوى استمرار الخراب والدمار، واستمرار الارتهان لقوى إقليمية شريرة، يعرف الجميع أهدافها. فالسعودية تعرف أن الحل الشامل في اليمن، لا يمكن أن يتحقق إلا بنهاية سريعة للمواجهات بين الحلفاء أولا، ومواصلة التحرك لحل يضمن حقوق الأطياف المختلفة كلها في هذا البلد، شرط أن تكون توجهاتها وطنية تستهدف المصلحة الوطنية ولا شيء غيرها.
وهذا يعني، رفض أجندة إيران الطائفية المشينة، الممثلة في عصابات الحوثي الانقلابية، ومكافحة الإرهاب من خلال إعادة تنظيم القوات الخاصة بالإرهاب وتدريبها. البعد الشامل للوضع في اليمن، يظل حاضرا عند الرياض، حتى وهي تسعى إلى حل المشكلات بين الحلفاء على الأرض. والعالم، خاصة الأطراف الدولية في الأمم المتحدة، يعلم جيدا كيفت حركت السعودية سفينة السلام تجاه اليمن الشقيق، ودورها الفاعل والمستمر في إحلال السلم والاستقرار في اليمن بطرح المبادرات، وحرصها على الجلوس من خلال مفاوضات سلمية لتحقيق الاستقرار الدائم للشعب اليمني، والاحتكام لعين العقل والحكمة، وأن لغة الحوار والمنطق، مطلوبة لتحقيق الأهداف المرجوة.
والنقاط التي وضعتها المملكة واضحة، وهي التشديد على وقف إطلاق النار في محافظة أبين، وإعلان المجلس الانتقالي إلغاء الإدارة الذاتية. وقيام الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي، بتعيين محافظ ورئيس للأمن في عدن، فضلا عن تعيين رئيس وزراء جديد، ليشكل حكومة تضم وزراء من المجلس الانتقالي. والنقطة الأخيرة، أن يسحب الانتقالي قواته، وإعادة الانتشار في أبين. إنها نقاط تحسم كل خلاف بين الحلفاء، الأمر الذي يحتاج إليه اليمن اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويطلبه الشعب اليمني، بعد أعوام من الحرب الدائرة التي نالت منه ومن مستقبله. السعودية يهمها مستقبل هذا الشعب، ولا شيء آخر له مثل هذه الأهمية لديها، ما يفسر حرصها الدائم على وقف كل المواجهات والخلافات الجانبية، بينما المعركة الحقيقية لا تزال دائرة على الساحة.
لا شك أن التأخر في تنفيذ "اتفاق الرياض" أسهم في تفاقم الحالة على الساحة الداخلية في اليمن، ولهذا تأتي النقاط المهمة التي تسعى السعودية إلى إقناع الأطراف اليمنية بها، وبدء العمل على وقف المناوشات بأسرع وقت ممكن، خصوصا في ظل المصائب التي يعانيها اليمنيون، بما في ذلك جائحة كورونا، التي ضربت العالم أجمع. على المملكة أن تفخر، لأن تحركاتها السياسية في اليمن، تنص بالدرجة الأولى على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لجميع أبناء الشعب اليمني، ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي والفرقة والانقسام.
ولهذا السبب وحده، يدعم العالم أجمع توجهات المملكة على الساحة اليمنية، لأنها - ببساطة - لا تضمن الحل السلمي في اليمن، بل تضمن الحقوق كاملة لكل أفراد شعب هذا البلد. إنها استراتيجية، لا تقبل بأقل من صيانة هذه الحقوق الآن وإلى الأبد.

إنشرها