هناك فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة خلال جيل للتوصل إلى اتفاق عالمي جديد حول الطبيعة يحدث تغييرا في كيفية إنتاجنا للغذاء، وإقامة البينة الأساسية، وحماية كوكب الأرض من التغيرات المناخية. ونجد أن المزارعين في جميع مناطق العالم يجسدون ما هو ممكن عندما يجدون التوازن بين الطبيعة وموارد الرزق.
وجائحة كورونا هي تذكير للعلاقة الوثيقة بين صحة الإنسان وسلامة كوكب الأرض. تشير التقديرات إلى أن 75 في المائة من جميع الأمراض المعدية الجديدة بين البشر هي أمراض حيوانية المنشأ، أي انتقلت من الحيوان إلى الإنسان. فمسببات المرض تزدهر أينما تحدث التغيرات في البيئة، مثل إزالة الغابات، وعندما تتعرض المنظومة البيئية لضغوط نتيجة الأنشطة البشرية وتغير المناخ وعند استهلاك المنتجات البرية النادرة التي تتم المتاجرة بعديد منها بشكل غير قانوني، أو التي تربى في ظروف غير مواتية.
وفي أثناء التعافي من فيروس كورونا المستجد، ستلعب الطبيعة دورا أساسيا لضمان تحسين الاتساق بين صحة الإنسان وصحة الأرض. فالطبيعة ليست ترفا، بل أساس للاستقرار الاقتصادي، والحد من الفقر والرخاء المشترك.
وحول تمويل أنشطة التنوع البيولوجي من أجل المصلحة العامة العالمية، فمنذ إقرار اتفاقية التنوع البيولوجي عام 1992، يمول البنك الدولي التنوع البيولوجي بنشاط إدراكا منه أن الدول النامية تستحوذ على كثير من التنوع البيولوجي في العالم، وأن المنظومات البيئية المتنوعة بيولوجيا هي منفعة للعالم كافة. ويظهر أحدث مراجعاتنا لحوافظ مشاريعنا أن مشاريع البنك الدولي تدعم استصلاح وتقوية أكثر من 116 مليون هكتار من المناطق البحرية والساحلية المحمية، إلى جانب عشرة ملايين هكتار من المناطق المحمية اليابسة، وأكثر من 300 من الموائل الطبيعية المحمية، والمناطق البيولوجية العازلة والمحميات. في الأعوام الأخيرة، ساعد تمويل البنك الدولي بشكل متزايد على الاستفادة من قوة الحشد لدى المؤسسة والحضور العالمي الذي أثمر عن شراكات عالمية، مثل برنامج المناطق الطبيعية المستدامة في الأمازون، الذي يستخدم نهجا متعدد الأقطار في التعامل مع الحفاظ على بيئة حوض الأمازون، مثل البرنامج العالمي للأحياء البرية الذي يتصدى للتجارة غير المشروعة في الأنواع النادرة من النباتات والحيوانات من خلال تقديم الدعم الفني وتعزيز التعاون العالمي بين الدول الأصلية ودول الترانزيت ودول المقصد.
وبشأن التأكيد على إشراك المرأة، فقد استفادت المزارعة الإثيوبية تيديليش كيبيدي، من برنامج البنك الدولي للإدارة المستدامة للأراضي الذي ساعدها على قلب الأوضاع رأسا على عقب. والآن، باتت تزرع حبوب القهوة العربية والخضراوات والنباتات المحلية المزهرة.
ونظرا للروابط المعقدة بين البشر والأرض، تبنى البنك الدولي نهجا أكثر تكاملا إزاء المناطق الطبيعية يعمل من خلاله مع الشركاء على تحسين منظومتي البيئة وموارد الرزق في كل منظومات الزراعات المنتجة ومنظومات المناطق المحمية. وثمة تركيز قوي أيضا على دمج المرأة، مثل المزارعة الإثيوبية تيديليش كيبيدي، التي ترملت منذ أكثر من عقدين واستفادت من برنامج الإدارة المستدامة للأراضي.
فأراضي كيبيدي شديدة الانحدار، لكنها تمكنت من خلال إقامة الممرات من زراعة أشجار القهوة والموز البديعة. كما أصبحت لها حديقة خضراوات مزدهرة، تغص بالسبانخ والفلفل والمحاصيل الجذرية وغيرها من الخضراوات، إلى جانب النباتات الأصلية المزهرة التي أشادت بها صحيفة محلية كمزارعة نموذجية.
وتتذكر كيبيدي، الفترات الأشد جدبا عندما كانت حالة الأرض متدهورة للغاية وكانت الحيوانات شحيحة، وكان من الصعب أن تحصل على قوت يومها وأولادها الثمانية. عندما كانت الأمطار تهطل، كانت تشاهد المياه وهي تجرف تربتها وتلقي بها إلى الوادي ومعها المحاصيل المزروعة. لكن مع الوقت، أقامت كيبيدي الحواجز، وجرست حشائش الديشو المحلية لتثبيت التربة. ثم بدأت بزراعة الهيل، وحبوب القهوة والفواكه، إلى جانب قصب السكر، والموز الكذاب الذي يستخدم في صناعة الخبز المحلي. وضبطت مواعيد الزراعة بسبب التغيرات المناخية، والآن أصبحت تزرع أنواعا عديدة من المحاصيل. وأكدت، "إذا فشل أحدها، أعتمد على الآخر." هذا التنويع في المحاصيل آتى أكله، فالأطفال الذين ما زالوا يعيشون في المنزل يذهبون إلى المدرسة، بينما تدرس أخرى في كلية تدريب المعلمين، ويعمل آخر لدى شركة كهرباء محلية.
