استسلمت “نوكيا” من جانبها إلى مشكلات أكبر من تلك التي تواجهها “أبل”. فقد بقيت في مكانها دون أي فرصة للتحول. وفي الواقع، وكما توصلت وزميلتي كيلي ويلسون في كتابنا الأخير: “نغمة الرنين: استكشاف صعود وسقوط نوكيا في الهواتف المحمولة”، فإن الأسباب المتجذرة لسقوط “نوكيا” تعزى لخيارات غير مدروسة اتخذتها الشركة فيما يتعلق بالأمور التقنية والتنظيمية في أوائل ومنتصف الألفينيات، التي دفعتها نحو تدمير نفسها قبل أن تصبح “أبل” و”جوجل” منافسيها.
وحقيقة، عندما تكون المؤسسة ضعيفة ويوجد خلل فيها فضلا عن تركيزها على إدارة خط الإنتاج، سيقود ذلك إلى نشوب صراعات وخلافات بين التنفيذيين وتراجع جودة منتجاتها. واجه مشروع “نوكيا” مع “سيمنز” صعوبات، ولم تقم بأي خطوة تجاه طموحات هاتفها الذكي. طموحات “نوكيا” بالتحول إلى نظام تشغيل جديد قد يصبح منظومة للشركة، كان بطيئا لتصبح متأخرة عن ذلك. في ذلك الوقت، نجحت “جوجل” مع نظام أندرويد، و”أبل”، في ربح المعركة، دون أن تترك مكانا لـ”نوكيا”. حتى في التحالف مع “مايكروسوفت” لبناء منظومة ثالثة.
في المقابل، يستطيع الرؤساء الثلاثة الحاليون تقديم الدعم فيما يتعلق بالأجهزة الخليوية من خلال التركيز على ثلاثة جوانب: الأجهزة المنزلية بالنسبة إلى شركة سامسونج، تحليلات البيانات الضخمة ونهج متكامل لمعدات الاتصال بالنسبة إلى “هواوي”، وبالطبع مجموعة جديدة من الأجهزة والخدمات الأخرى بالنسبة إلى “أبل”.
تجدر الإشارة إلى أن تلك الشركات المشابهة لا تقدم الدعم الكافي بالضرورة. يبدو أن “سامسونج” الشركة الأكثر عرضة، كون قوة المكونات ليست متأصلة بالمنظومة كما في خدمات “أبل” و”هواوي”. ومع تزايد الطلب على الأجهزة وازدياد عدد المنافسين الذين يقدمون خدمات “بدءا من شركات الاتصالات إلى شركات الميديا والعمالقة مثل أمازون وألفابت”، قد تضعف المنافسة المبنية على الأجهزة مع الوقت. كما أن مجموعة المنافسين الجدد في الصين تنبئ بسوق أكثر صعوبة.
وتعزى التحديات التي تواجه “أبل” و”هواوي” أخيرا، في المقام الأول إلى الحروب التجارية والقوانين واللوائح خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى المخاوف الأوروبية من الضرائب العادلة. توجد أيضا عوامل جيوسياسية تغذي الخلافات الحالية بين الحكومة الأمريكية و”هواوي” حيال الحظر التجاري الأمريكي مع إيران، وكانت خلف الصراعات السابقة مع ZTE الشركة الصينية التي تعمل في مجال معدات الاتصالات. تعزيز المخاوف المتعلقة بالأمن السيبراني على جميع الأصعدة يلعب دورا مهما أيضا، ولا سيما بالنسبة إلى “هواوي”، التي تواجه اتهامات بالتجسس لمصلحة أجهزة أمن الدولة في الصين.
بالعودة إلى سؤالنا الأساسي “من سيلحق بنوكيا؟”، رغم أن شركة أبل تبدو في مأمن من ذلك بالوضع الراهن، إلا أنه يوجد عديد من المرشحين على اللائحة ليس فقط في مجال الاتصالات، لكن من قطاعات أخرى كثيرة. فأي شركة ضحت برؤيتها طويلة الأمد، أو الابتكار، أو بمرونتها في سبيل تلبية مطالب المساهمين قصيرة الأمد، ستكون هي التالية.
