Author

«شوشين»: عقلية المبتدئين

|
تعرفت قبل فترة قصيرة على قائد فذ. وصل إلى مناصب ومراكز مرموقة، لكنه ما زال متعطشا للنجاح، كأنه بدأ للتو حياته العملية. يقوم بكل شيء بحماسة منقطعة النظير. في كل مشروع يبذل جهدا استثنائيا كأنه مشروعه الأول، الذي يثبت فيه وجوده. والأجمل من ذلك انفتاحه على الأفكار الجديدة بمتعة.
ذكرني جوعه للتفوق والانتصار والفوز بمبدأ فلسفي قرأت عنه مبكرا باسم "شوشين"، الذي يعني "عقلية المبتدئين". ويقوم المبدأ على أساس فكرة التخلي عن الفرضيات المسبقة والتفكير بطريقة منفتحة على كل الخيارات أثناء دراسة موضوع جديد ما.
يقول بارتيك بجي: "عندما يكون المرء مبتدئا يكون ذهنه أكثر انفتاحا، ويرتفع لديه الاستعداد للتعلم والتفكير في كل جوانب المعلومات التي يتلقاها، كما يفعل الطفل الصغير عند اكتشافه لشيء جديد للمرة الأولى".
مع تقدمك في السن وزيادة خبرتك وتجاربك، يميل عقلك تلقائيا إلى الانغلاق، وتبدأ بالقول لنفسك: "أنا أعرف كيفية القيام بهذا الأمر" وتكون النتيجة بالتالي تراجع قدرتك على الانفتاح على الأفكار الجديدة.
تزايد خبرتنا تترتب عليها مخاطر إضافية، نحن نميل إلى صد المعلومات، التي تتعارض مع ما تعلمناه سابقا بحيث يقتصر تقبلنا للأفكار الجديدة على ما يتفق مع مقارباتنا الحالية للأمور. نظن أننا نتعلم، ولكننا في الواقع نراقب مسار الأفكار والمعلومات والمحادثات، التي تمر بنا منتظرين مرور ما يتفق مع نظرتنا للحياة أو تجاربنا السابقة، ونكتفي بأن ننتقي من الأحاديث والمعلومات ما يمكنه أن يبرر تصرفاتنا الحالية ومعتقداتنا.
يقول باتريك في مقالة ملهمة عن فلسفة عقلية المبتدئين: "معظم الناس لا يبحثون عن معلومات جديدة، إنما يبحثون عما يثبت صحة المعتقدات الموجودة في أذهانهم. لكن المفارقة هي أنك عندما تصبح أكثر خبرة سيكون عليك أن تستمع أكثر وليس العكس. لماذا؟ لأنك إذا كنت على دراية بـ98 في المائة من الموضوع المطروح أمامك فسيكون عليك التركيز والاستماع جيدا كي تكتشف المعلومات، التي تشكل باقي الـ2 في المائة".
مع تقدمنا في السن، تشكل معرفتنا السابقة جدار صد يمنعنا من رؤية كل ما هو جديد، ويقول شونريو سوزوكي: "الفرص الكامنة في عقلية المبتدئين كبيرة جدا، لكنها محدودة للغاية في عقلية الخبراء".
لذلك علينا أن نتمتع بعقلية المبتدئين، التي تجعلنا شغوفين دائما بالجديد، متعطشين باستمرار للأفكار، التي لم يسبق أن سبرنا أغوارها.
لا تدع خبرتك تكون حاجزا بينك وبين المستقبل، اهدم هذا الجدار واستمتع باللحظة الحالية والقادمة بكل جوارحك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها