default Author

زراعة الكربون

|
يتغير مناخ كوكبنا على مدار الزمن الجيولوجي مع ارتفاع ملحوظ وسريع في درجات الحرارة على سطح الأرض في هذه الفترة، بسبب الغازات التي تنتج من نشاط البشر للحصول على الطاقة، والمتهم الأول في ذلك البشر، فنحن لسنا وحدنا على هذا الكوكب!
هذه الغازات الدفيئة الناتجة من حرق الوقود الأحفوري والزراعة واستخدام الأراضي والغابات، ترفع درجة الحرارة بشكل يصعب على الكائنات الحية التكيف معه، وتحدث تغيرات شديدة في الطقس من عواصف وفيضانات وانهيارات جليدية، وارتفاع في مستوى البحار وتغير في تعداد كائنات الحياة البرية ومواطن الحيوانات والنباتات الطبيعية، وانقراض الأنواع وتغير المحاصيل!
وبدأت التحذيرات من الاحتباس الحراري تتصدر العناوين منذ أواخر الثمانينيات. وفي عام 1992، وقعت 165 دولة على "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ". يعقد مؤتمر سنوي للحد من هذا التغير، ووصل عدد الدول اليوم إلى 197 دولة ملتزمة بالاتفاقية.
وأهم هذه الغازات الدفيئة غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من احتراق مليارات الأطنان من الوقود، لذا سعت الدول إلى الحد من هذه الظاهرة وذلك بإنشاء "مزارع للكربون" أو الزراعات التجديدية، مهمتها التقاط الكربون من الجو وتحويله إلى سكريات داخل النباتات لتفرزها داخل التربة وتقلل انبعاثه هو وغيره من الغازات المساهمة في الاحتباس الحراري مثل، غاز الميثان الذي تطلقه الأبقار في الجو، وذلك بإعادة التشجير وتقليل السماد والتحكم في الرعي واستخدام آلات زرع البذور بدل قلب التربة، لزيادة الكربون في التربة وتغذية الماشية ببذور الكتان الزيتي لتقليل انبعاث غاز الميثان.
تبنى عديد من الحكومات والشركات وأنصار البيئة حتى السياسيين زراعة الكربون، باعتبارها حلا مريحا للتغير المناخي في الوقت الحاضر ومصدر دخل إضافيا للمزارعين، وأُنشئت أسواق ومبادرات إزاحة التربة تقوم من خلالها الشركات باعتماد تقنيات زراعة الكربون أو الدفع للمزارعين الذين يطبقونها، للحصول على أرصدة الإزاحة، التي تسمح للشركات بالمطالبة برصيد مقابل كميات ثاني أكسيد الكربون المسحوبة من الغلاف الجوي، دون خفض الانبعاثات الناجمة عن عملياتها!
ويعمل المهتمون على وضع سياسات ومعايير موثوقة لإثبات فاعلية هذه العملية، وأن المزارعين الذين يحصلون على دفعات مالية مقابل تنفيذ هذه الممارسات، يسهمون بالفعل في خفض ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. كلنا أمل أن تنجح هذه السياسات في تحرير غلافنا الجوي من غازات الاحتباس الحراري، لتنعم الأجيال المقبلة من البشر والكائنات الحية بحياة أفضل!

إنشرها