بشرى اقتصادية بيئية

البناء لا يتوقف في العاصمة الرياض، ومعظم مدن المملكة. مبان جديدة قيد التنفيذ كل يوم سواء كانت مساكن أو مكاتب أو متاجر، وتجديد لمواقع قديمة بهدمها وبنائها، أو ترميم مواقع حالية.
كل يوم تنزل حاوية فارغة أمام أحد المنازل لتحميل بقايا الهدم الداخلي أو الترميم، وفي طقس قاس مثل طقسنا يغير الناس بلاط المداخل وأفنية المنازل دوريا كل بضعة أعوام، وانتبهت أن كثيرا من الناس لا يعرف كيف يدبر هذه الحاويات، وكيف يسعر خدماتها ما جعل كثيرين عرضة للغش أو دفع مبالغ أكثر من سعر السوق.
من أهم الاخبار الاقتصادية البيئية في المملكة هذا الأسبوع، كشف الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير عن وصولها إلى المراحل النهائية من بناء أول منشأة، لإعادة تدوير مخلفات البناء والهدم في الرياض، وأن بدء تشغيل المنشأة سيكون بحلول نهاية يوليو المقبل، لتتبعها سلسلة من المنشآت سيتم تنفيذها لاحقا. قبل فترة قرأت في إصدار أمانة مدينة الرياض "الاستراتيجية الشاملة لإدارة النفايات في مدينة الرياض" الصادر عام 1438هـ، أن حجم مخلفات الهدم والبناء كان نحو 130 ألف طن يوميا وذلك وفقا لمعدلات عام 1435هـ، وهو رقم لو تتأملون فيه لوجدتموه مثيرا للفزع.
ينتج عن هدم وترميم المباني والمساكن مخلفات هي مناجم دخل ليس بسيطا. دخل يرتكز على بساطة البعض عندما يتنازل عن أبواب كاملة من الحديد والخشب والألمنيوم، وأسلاك نحاسية، وبلاط بكميات كبيرة، وأدوات صحية، والقائمة طويلة، ومعظمها أشياء يمكن تدويرها، وتدويرها يخفض تكلفة المنتجات الجديدة، وهو يخفض نسب التلوث في البيئة، ويحقق أهدافا كثيرة للجميع.
لا أعرف تفاصيل تنفيذ الشركة لعمليات الجمع التي ربما تعلن لاحقا، لكني أتمنى أن يكون هناك خطوط خدمة للناس يقومون من خلالها ببيع مخلفاتهم بتقييم عادل يحقق لهم دخلا صغيرا، وللشركة مدخلات إنتاج مستمرة ودائمة، إضافة إلى نموذج عمل الأساس المرتكز على التعامل مع المدافن الواقعة تحت إشراف الأمانة كما أخمن.
الهدف الرئيس من استراتيجية إدارة النفايات للعاصمة كما أعلن هو تحويل 60 في المائة من مخلفات البناء والهدم بعيدا عن مدافن النفايات بحلول عام 2035، والتوجه نحو نموذج الاقتصاد الدائري، وهو هدف كبير ومهم، وسيصنع فرقا في تكاليف البناء ورصف الطرق على الحكومة والناس، إضافة إلى الفرق الأهم وهو الحفاظ على البيئة في المملكة، ودعم فكرة الرياض الخضراء عمليا.
أتمنى أن يكون للشركة برنامج للأفراد مثلما سيكون لديها برامج للمقاولين وجامعي مخلفات البناء.