FINANCIAL TIMES

تراجع أسعار الفائدة يدفع السيولة إلى القاع

تراجع أسعار الفائدة يدفع السيولة إلى القاع

العائد على الائتمان قصير الأجل يكاد يكون صفرا، ويهدد بالاستمرار على هذا النحو.
هذا ما يؤدي إلى حدوث أشياء غريبة في أسواق الائتمان، متجر لا تكلف المنتجات فيه شيئا، من غير المرجح أن يعمل مثل أي متجر طبيعي.
يتجلى ذلك بشكل أوضح في صناديق أسواق المال، وهي صناديق الاستثمار الضخمة الشبيهة بالنقد، التي يتعامل معها المستثمرون باعتبارها بديلا ذا عائد أعلى للودائع المصرفية. تقتصر تلك الصناديق في الأغلب على الاستثمار في الائتمان قصير الأجل، إما سندات تصدرها الحكومة وإما سندات خاصة مثل شهادات الإيداع المصرفية أو الأوراق التجارية، التي تستخدمها الشركات لإدارة السيولة قصيرة الأجل.
لتلخيص الأحداث الأخيرة: عندما اتضحت خطورة كوفيد - 19، كان هناك هروب سريع من صناديق سوق المال الرئيسة التي تستثمر في سندات الشركات إلى أمان الصناديق الحكومية التي كانت تتلقى بالفعل تدفقات داخلة كبيرة، مع خروج المستثمرين من الأصول التي لا تزال أكثر خطورة.
في آذار (مارس) الماضي تم سحب 160 مليار دولار من الصناديق الرئيسة، وتم استثمار 790 مليار دولار في الصناديق الحكومية، وفقا لشركة كرين للبيانات، الأمر الذي غير شكل السوق التي تجاوزت أربعة تريليونات دولار.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي شعر بقرب المتاعب، فبدأ في إقراض الأموال للمصارف حتى تتمكن من الوفاء بقيمة الاستثمارات المستردة، وشراء الأوراق التجارية للتأكد من حصول الشركات على النقد.
على الرغم من ذلك، اضطر كل من: بنك نيويورك ميلون، وجولدمان ساكس إلى دعم بعض صناديقهم الرئيسة في مواجهة عمليات السحب.
كثير من الأموال تدفقت مجددا إلى الصناديق الرئيسة منذ ذلك الحين، لكن ليس كلها وليس على نحو مكافئ.
شركة نورثرن ترست قررت أخيرا إغلاق صندوق رئيس تقلص من 3.8 دولار مليار إلى 1.8 مليار دولار.
أصول الصندوق كانت تحقق ست نقاط أساس، مخلفة عائدا قليلا، على أنه كان ثمينا من شأنه التخلص من الرسوم.
في الوقت نفسه، حتى مديرو صناديق الأموال الأكبر بكثير اضطروا إلى تخفيض الرسوم، لتجنب انخفاض عوائد المستثمرين إلى ما دون الصفر.
في الوقت نفسه، تخرج الشركات من سوق الأوراق التجارية، لأن بدائل التمويل الأكثر استقرارا تكاد تكون رخيصة الآن. شركات مثل، كوكا كولا إلى ديزني أصدرت 96 مليار دولار من السندات طويلة الأجل، لتحل محل الأوراق التجارية هذا العام.
كل هذه الحركات المتذبذبة تثير سؤالا بسيطا: في عالم تكون فيه أسعار الفائدة قريبة من الصفر، لم توجد صناديق سوق المال على الإطلاق؟
على عكس الودائع المصرفية، فإنها لا تحمل ضمانا حكوميا. بحسب وكالة فيتش، حققت الصناديق المؤسسية الرئيسة 37 نقطة أساس في أوائل أيار (مايو) الماضي، أي أقل بمعدل 200 نقطة أساس عن العام السابق.
الصناديق الحكومية كانت تعرض أقل من عشر نقاط أساس. بالنسبة إلى المستثمرين الأفراد فإن السؤال هو في أي من نوعي الصناديق، تكون العوائد أقل من ذلك؟
ليس من غير المتصور أن تصبح أسعار الفائدة قصيرة الأجل على سندات الحكومة الأمريكية سلبية، الأمر وهو وضع يمكن أن يغلق هذا الجزء من الصناعة على حد تعبير محللين في "تي دي سيكيوريتيز".
وفقا لأليكس روفر، رئيس قسم استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية لدى "جيه بي مورجان تشيس" بالنسبة إلى مستثمري سوق المال: "لا يتعلق الأمر بالمستوى المطلق للعائدات بقدر ما هو متعلق بالبديل الأفضل التالي". بضع نقاط أساس لا تزال قيمة أكثر من لا شيء. المهم أكثر من ذلك، هو أن المصارف غارقة بالفعل في الودائع، ولربما لا تقبل بالودائع الكبيرة الجديدة، حتى التي دون فائدة، بالنظر إلى رأسمال الأسهم المطلوب منها أن تحتفظ به مقابلها.
لذا فإن الصناديق الحكومية ستستمر في لعب دور، حتى لو أصبحت أسعار الفائدة سلبية، حسبما يعتقد روفر.
في حالة الصناديق الرئيسة، تبدو الأشياء مختلفة. كون المصارف غارقة في تمويل الودائع، والشركات قادرة على إصدار سندات طويلة الأجل ورخيصة للغاية، فإن الداعي إلى وجودها يتضاءل تدريجيا.
خلاص جيد، ربما، وعد الصناديق الرئيسة بمخاطر شبيهة بالنقد مع عوائد أعلى، دائما ما كان يفوق الخيال لدرجة لا تصدق.
المشكلات في صندوق الاحتياطي الأساسي، الذي كان يملك الأوراق المالية لـ"ليمان براذرز" أثارت بعض أكثر اللحظات خوفا خلال الأزمة الأخيرة.
حسنا، ليس تماما. مايكل كلوهيرتي، رئيس قسم استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في "يو بي إس" يشير إلى أن جمال سوق المال على المدى القصير هو مرونته.
هذا مهم لجميع الشركات، لكن بصورة خاصة للمصارف. مكتب التداول يمكن أن يجمع تمويلا بالدولار من أسواق المال على نحو سريع، ما يسمح له بالعمل بسرعة لإجراء الصفقات نيابة عن العملاء الكبار.
هذا يساعد على تفسير سبب كون الأسواق الأمريكية أكثر سيولة من الأسواق الأوروبية، التي تعتمد بشكل أكبر على التمويل المصرفي.
"إذا ابتعدت عن إطار صندوق النقد فستحصل على عمق أقل للسوق، لأنه عندما تنخفض مرونة التمويل ستنخفض السيولة" على حد قول كلوهيرتي.
نعم، ثمة كثير من السيولة في ظاهر السوق الآن، لكن ربما لا يكون ذلك صحيحا دائما، وإذا كانت البنية التحتية المصممة لجمع الأموال على المدى القصير تتلاشى الآن، ربما تنشأ مشكلات في مكان آخر.
احتمال أن تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى تقليل سيولة السوق في الواقع هو من قبيل التناقض، لكنه خطر يجدر وضعه في الحسبان.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES