Author

السعودية .. السلم والسلام

|

تحتفظ وتملك السعودية سجلا ناصعا في مجالات الخدمات الإنسانية الإغاثية، وهي ترفع شعار المساعدة الدائمة للمسلمين والأشقاء والأصدقاء. ودون مبالغة، فإن علم المملكة يرفرف في كل مكان تحتاج الشعوب إلى وقفة ودعم، وهذا هو ديدنها وموقفها الثابت في هذا الجانب، ما أنتج سياسة ثابتة وواضحة أيضا. لذلك، تبقى للمملكة مكانة ثابتة على مر العصور، وأمل لكل الشعوب، من جيل إلى آخر، فقيمها راسخة كرسوخ جبال طويق، وفق نهج إسلامي سمح قائم على نشر السلم والتآلف والتعاون وتقديم الدعم والمساعدات، وهذا هو المبدأ الأساس الذي سار عليه الملك المؤسس عبدالعزيز ووحد به البلاد، ورضي به الشعب، ومضى أبناؤه البررة من بعده على نهجه، حتى أصبحت المملكة من ضمن الدول الخمس الكبرى المانحة للمساعدات الإنسانية، ولها دور ريادي، وفقا لتقارير الأمم المتحدة. ولديها شهادات دولية من المنظمات العالمية المعنية والمهتمة بالجانب الإغاثي.
من هذا المبدأ الحق الأساس الذي لا ينكره إلا جاحد مكابر، فلم يسبق المملكة أحد إلى استضافة مؤتمر المانحين لليمن بالشراكة مع الأمم المتحدة، كأول مؤتمر افتراضي للمانحين. فاليمن اليوم يمر بظروف استثنائية بسبب تفشي جائحة كورونا، التي عصفت باقتصادات الدول الكبرى، فكيف باليمن الذي عبثت به يد الحوثي وأذناب إيران، فأحرقت الأخضر قبل اليابس وعطلت التنمية وأعمال الحكومة. بذلت المملكة جهودا جبارة في الأعوام التي تلت انقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، كي تجنب الأشقاء مثل هذه الأيام الصعبة، وأدركت أن يد العبث الإيراني لا تسعى إلى تنمية ولا إلى خير الشعوب العربية، بل إلى نشر الفوضى والخراب. ومع كل العبث الإيراني في المنطقة، فإن الأحداث الأخيرة، التي نشأت بعد تفشـي مرض كورونا، أثبتت دون جدل من يسعى في الأرض خرابا ثم لا يجد ما ينفقه لمنع انتشار المرض أو يقلل من آثاره الاقتصادية، ومن يدعم الصحة العالمية ويقدم أكثر من 500 مليون دولار. هذا الفرق بين إيران والسعودية، وأظهر مؤتمر المانحين هذه الحقيقة بكل جلاء.
لقد أوجدت جائحة كوفيد ـ 19 حالة اقتصادية وصحية لم يشهدها العالم من قبل، وثبت أنه يمكن لاقتصاد منظم وحكومة مستقرة التغلب على الآثار المدمرة لهذه الحالة. وفي المقابل، فإن الشعوب التي تعاني مشكلات سياسية واقتصادية، قد تجد نفسها في مخاطر لا يمكنها مجابهتها. هذه التحديات الاقتصادية والصحية والسياسية، جعلت الشعب اليمني يعيش وضعا صعبا، في ظل رعونة الميليشيات الحوثية التي تدار من طهران ولا تأبه بالظروف الإنسانية للشعوب العربية والشعب اليمني خصوصا، فمارست هذه الميليشيات الحوثية طوال الأعوام الماضية أنواع الجرائم كلها، من نهب وسلب وإرسال أبناء وأطفال اليمن إلى الحرب والموت، كما لم تسلم المساعدات الإنسانية من هذا النهب في جريمة تضاف إلى سجلها الحافل بالجرائم والانتهاكات والتجاوزات الصارخة للمبادئ والأعراف القانونية الدولية.
أمام هذه الجائحة، التي تهدد صحة الشعب اليمني المسالم، فإن المملكة لم تقف مكتوفة الأيدي، وهي التي لم تتخل يوما عن دورها في دعم اليمن الشقيق، متجاوزة التحديات والمعوقات، ومؤكدة دورها الريادي الذي تقوم به عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بالتعاون مع وكالات ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الوطنية والمحلية والدولية. ومن هذا المنطلق، أثمرت جهودها المشتركة مع الأمم المتحدة باستضافة مؤتمر المانحين لليمن 2020، ونجحت المملكة في حشد دول مجموعة العشرين وعقد أول قمة تم تنظيمها عن بعد في بدايات انتشار الجائحة، واستطاعت أن تحقق ما لم تحققه القمم العالمية السابقة كافة، حيث تعهدت دول المجموعة بدعم الاقتصاد العالمي بأكثر من سبعة تريليونات دولار. ولولا تلك الخطوة الجبارة من المملكة، التي جاءت في وقتها الصحيح، ما استطاع الاقتصاد العالمي الصمود حتى الآن. وفي المسار نفسه، تم تنظيم أول مؤتمر افتراضي لجمع التعهدات المالية، وبقيادة المملكة نجح هذا المؤتمر في توفير دعم لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بلغت قيمته مليارا و350 مليون دولار، وهذا نجاح مبهج لكل الشعب اليمني، الذي أصبح مطمئنا رغم التحديات والأزمات الإنسانية والاقتصادية، ذلك الاطمئنان النابع من وقوف المملكة، قيادة وشعبا، بجانبه، كما أن هذا النجاح يضاف إلى قائمة إنجازات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في دعم الأشقاء في اليمن.
بقي أن يدرك الشعب اليمني، أن إيران والحوثي معا العقبة الأساس أمام عودته مستقرا آمنا، وما زالت المملكة تؤكد أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة اليمنية، بما يتفق مع الشرعية الدولية المستندة إلى المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، مخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216). والسعودية تدفع وتدعم دائما أي اتفاق يقدم الحل الناجع والسليم إلى تحقيق الاستقرار في اليمن، لأنها ترفع شعار السلام والسلم.

إنشرها