السعادة مطلب لكل الناس وهو بلا شك مطلب مشروع، إذ لا طعم للحياة بلا سعادة، ولكن السعادة مسألة نسبية تختلف حسب نظرة كل شخص لمفهومها، وعمدت منظمة الأمم المتحدة UN إلى استحداث مؤشر أسمته "مؤشر السعادة العالمي" يقيس مدى السعادة في الدول والمجتمعات، وفقا لمعايير محددة أسمتها المنظمة "معايير مؤشر السعادة العالمي"، وهذه المعايير هي، الحالة النفسية للسكان ومعدل طول حياتهم وحرية اتخاذ القرارات الحياتية والدعم الاجتماعي ومعدل الصحة العامة والناتج الإجمالي المحلي للفرد الواحد ونسبة انتشار الفساد ومكافحته وظروف العمل والموازنة بين الحياة الاجتماعية والعملية وآخرها فرص العمل المتاحة واستقلالية الأفراد في عملهم، وعلى ضوء تطبيق هذه المعايير تصدر المنظمة تقريرا سنويا يسمى "تقرير السعادة العالمي"، وتحتل المراتب الأولى منذ بداية إصدار المؤشر عام 2012 دول أوروبية، إلا أنه مما يلفت النظر أن أوروبا تأتي في مقدمة دول العالم في معدلات الانتحار، وأن أقل تلك المعدلات هي دول الشرق الأوسط، وذلك حسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية WHO أخيرا. إن السعادة لا تتحقق في غياب المشكلات، ولكن في القدرة على التغلب عليها. إن السعادة شعور داخلي لا يباع ولا يشترى ولا يوهب، وإن الإنسان إذا ما أراد السعادة الحقيقية، فليعد إلى ما أرشده إليه من خلقه، فهو أعلم به وبما يسعده، وفي ذلك يقول الحق سبحانه: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا". إذا من لا يريد المعيشة الضيقة الشاقة فليقترب من ربه ويحسن ظنه به، وفي أبيات تنسب للإمام الشافعي:
قل للذي ملأ التشاؤم قلبه ومضى يضيق حولنا الآفاقا
سر السعادة حسن ظنك بالذي خلق الحياة وقسم الأرزاقا.
ثم إن السعادة لا تكتمل أركانها إلا بأمور عدة من أهمها أن يحرص الإنسان على تنظيم حياته، وأن يهتم بالأنشطة المختلفة بما فيها اعتناؤه بصحته ونشاطه وغذاؤه، وأن يحرص على خدمة الآخرين، وحب الخير لهم، وأن ينظر إلى من هو دونه في المال والصحة، وأن يحرص أن يعيش اللحظة، التي هو فيها بأقصى ما يمكن من فرح وسرور. إن من ينشد السعادة عليه أن يصحب السعداء، وأن يتجنب أولئك النفر من الناس، الذين لا يعرفون للسعادة طريقا حتى ولو كانت مفاتيحها في متناول أيديهم.