أخبار اقتصادية- عالمية

"المركزي الأوروبي" يحذر: خطر الانفصال يدهم الدول الأكثر مديونية في منطقة اليورو

"المركزي الأوروبي" يحذر: خطر الانفصال يدهم الدول الأكثر مديونية في منطقة اليورو

تسعى ألمانيا التي ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في تموز (يوليو)، إلى أن تترك أثراً إيجابيا.

حذر البنك المركزي الأوروبي أمس من أن المخاوف من خروج الدول الأكثر مديونية من منطقة اليورو بسبب تأثير فيروس كورونا المستجد، من المرجح أن تنمو في الأسواق، إذا لم تُتخذ تدابير للحد من أعباء الديون.
وجاء في تقرير نصف سنوي للبنك عن الاستقرار المالي أنه "إذا عُدت التدابير المتخذة على المستوى الوطني أو الأوروبي غير كافية للحفاظ على القدرة على تحمل الديون "في بعض الدول"، فقد يزداد تقييم السوق لمخاطر تغيير العملة"، أي الخروج من اليورو.
وبحسب "الفرنسية"، يتوقع أن ترتفع مستويات الديون في دول منطقة اليورو بشكل ملحوظ، بنسب تراوح بين 7 و22 نقطة مئوية في عام 2020، ما يرفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة من 86 في المائة في 2019 إلى نحو 103 في المائة في 2020 وفق المؤسسة.
وفي الظروف الاعتيادية، تستهدف منطقة اليورو مستوى أقصاه 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هذه القاعدة الواردة في ميثاق الاستقرار الأوروبي، عُلق العمل بها بسبب الوباء.
وبعدما تضررت بشدة إثر شهرين من تدابير الاحتواء التي شلت اقتصاداتها، كشفت الدول الأوروبية في الأسابيع الأخيرة عن برامج مساعدة تبلغ قيمتها مئات المليارات من اليوروهات وسيتم تمويلها بشكل رئيس من خلال القروض.
ولا يشكك البنك المركزي الأوروبي في نجاعة خطط الدعم هذه، وهو يدرك أنه لولا هذه التدابير "لكانت التكلفة الاقتصادية والتأثير في السوق أكثر حدة".
في موازاة ذلك، تحرك البنك المركزي كذلك في مواجهة الوباء وقرر زيادة مشترياته من الدين العام وإطلاق خطة طوارئ بحجم يتجاوز ألف مليار يورو في عام 2020 وحده.
وساعد ذلك بالفعل على "منع اتساع هوامش أسعار الفائدة" للدين العام داخل منطقة اليورو، بين ألمانيا التي تشكل مرجعا، والدول الأخرى مثل إيطاليا على سبيل المثال.

مسار غير مستدام

اضطر البنك المركزي الأوروبي إلى تهدئة الأسواق المهتزة في مواجهة الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي إلى جانب اتساع عجز الموازنة في إيطاليا وإسبانيا خصوصا.
لكن البنك حذر من أن الانكماش الاقتصادي الطويل الأمد في منطقة اليورو سيؤدي إلى وضع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي "على مسار غير مستدام في الدول المدينة".
وكنتيجة طبيعية، سيصعب على هذه الدول الحصول على تمويل من السوق "إذا اعتقد المستثمرون أن استدامة دينها العام قد تدهورت" وبالتالي طلبوا عوائد أعلى.
يأتي تقرير البنك المركزي الأوروبي في الوقت الذي ستقترح فيه المفوضية الأوروبية اليوم خطة إنعاش قد تصل إلى ألف مليار يورو للتغلب على الأزمة التي تسبب فيها الفيروس.
لكن المفاوضات تبدو صعبة بين الأوروبيين المنقسمين حول التضامن المالي، إذ تدافع برلين وباريس عن مشروعهما الذي يهدف إلى تجنب ارتفاع معدلات الديون الإيطالية والإسبانية، من خلال حماية هاتين الدولتين بطرح قرض أوروبي مشترك، في حين تعارض أربع دول بينها النمسا وهولندا مشاركة الديون.

ألمانيا تكسب الرهان

خاضت أنجيلا ميركل مخاطرة سياسية كبيرة في دولتها من خلال قبولها المفاجئ قبل أسبوع فكرة الديون المتبادلة في أوروبا بعدما كانت تعد من المحظورات، من أجل إنعاش الاقتصاد في مواجهة جائحة كورونا.
وتبدو المستشارة الألمانية في وضع جيد، على الأقل في دولتها، لكسب الرهان، فهي تحظى بتأييد حزبها المحافظ للمبادرة التي يؤيدها أغلبية الألمان أيضا، وأطلقتها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما كان مجرد التفكير فيها غير مطروح قبل بضعة أعوام.
ووفقا لـ"الفرنسية"، أيدت كامل قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الفكرة الفرنسية الألمانية أمس، التي تهدف إلى تمكين الاتحاد الأوروبي من تحرير ديون بقيمة 500 مليار يورو تسدد على شكل إعانات للدول الأكثر تضررا من تأثير الوباء مثل إيطاليا وإسبانيا على وجه الخصوص، دون أن تضطر الدولتان إلى سداد تلك الديون بشكل فردي.
بدوره، قال فولفجانج شويبله رئيس مجلس النواب الألماني "ليس لدي أدنى شك على الإطلاق في وجود دعم واسع في البرلمان الألماني لهذا الاقتراح". وشويبله من أبرز القادة السياسيين في الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل.
فعندما كان وزيرا للمالية في ذروة أزمة منطقة اليورو، أثار غضب عديد من الدول بسبب تردده القوي في إنقاذ اليونان من الإفلاس، ولم يكن قط من مؤيدي الديون المشتركة.
واليوم، في مواجهة فيروس كورونا المستجد، يثني على ما وصفه بأنه "اقتراح ضروري ومهم في الفترة التي نمر بها". وأضاف فولفجانج شويبله الذي وقع إعلانا مشتركا في هذا الصدد مع ريشار فيران نظيره الفرنسي "إنه ينطلق من مبدأ أن أوروبا يجب أن تستخدم هذه الأزمة من أجل أن تصبح أقوى".
وقالت ميركل خلال الاجتماع المغلق "لن تكون ألمانيا بخير إلا إذا كانت أوروبا بخير"، لكن الفكرة لا تحظى بالإجماع داخل التيار المحافظ، إذ عبر الجناح اليميني المعروف باسم "اتحاد القيم"، عن استيائه الشديد.
وندد ألكسندر ميتش أحد قادته "بخطوة أخرى نحو إنشاء اتحاد ديون أوروبي ودولة مركزية"، داعيا البرلمانيين الألمان والأوروبيين إلى معارضة المقترح، لكن هذه الانتقادات الصادرة أيضا من أقصى اليمين ومن حزب البديل لألمانيا تمثل الأقلية.
ويؤيد نحو 51 في المائة، من الألمان خطة الإنعاش التي ستمول فرنسا وألمانيا 27 في المائة، منها، وفقا لمسح أجراه معهد سيفي لمجلة "دير شبيجل" الأسبوعية، وبلغ عدد معارضيها نحو 34 في المائة.
ونظرا لأنها تحظى بشعبية كبيرة لإدارتها الناجحة لمكافحة الوباء قررت أنجيلا ميركل وضع كل ثقلها خلف الخطة، خصوصا أنه ليس لديها كثير مما تخسره مع اقتراب حياتها السياسية من نهايتها في نهاية 2021.
وقال أحد المقربين من الرئيس الفرنسي "لقد تصرفت بحكمة عبر إعادة التأكيد على التزام ألمانيا الأوروبي في مواجهة الانتقادات الحادة الصادرة من إيطاليا أو إسبانيا" حيال عدم وجود تضامن أوروبي في ذروة الجائحة، مضيفا، أنها "وضعت في حسبانها أيضا أن ألمانيا ستتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في تموز (يوليو). إنها تريد أن تترك أثرا".
بدوره قال ميشائل روت وزير الدولة للشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية الألمانية أمس، على هامش مباحثات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي "نحن جميعا مرتبطون ببعضنا بعضا، ونحن جميعا بحاجة إلى بعضنا بعضا".
وأشار روت إلى أن دولة موجهة إلى التصدير بصفة خاصة كألمانيا تعتمد بشكل إجباري على أن يتعافى جيرانها في الاتحاد الأوروبي في أسرع وقت ممكن، ولهذا السبب أكد أنه من المهم ألا يتعلق الأمر فقط بإظهار لفتة سخية من
جانب الأطراف، المفترض أنها قوية تجاه الأطراف المفترض أنها أضعف، وأضاف "التضامن في مصلحة الجميع".
وتعتزم المفوضية الأوروبية بقيادة أورزولا فون دير لاين عرض اقتراح لخطة إنعاش الاقتصاد الذي تضرر بشدة من أزمة كورونا.
ووفقا لـ"الألمانية" حذر بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني من أن تتخلف ألمانيا في المنافسة العالمية حول التقنيات المستقبلية، مؤكدا أن هناك منافسة مكثفة على مستوى العالم حول أفضل التقنيات والحلول الأكثر ابتكارا.
وقال "هذا ليس أمرا سيئا، علينا فقط ألا نسمح بأن تتخلف ألمانيا في هذه المنافسة؛ لأنه يتم الاستحواذ على الشركات الأكثر إثارة والأكثر نجاحا، يتعين علينا أن نعلم بشكل أفضل أي الشركات يقع في محور محاولات الاستحواذ، بحيث يمكننا التصرف إذا لزم الأمر".
وأكد أن ذلك يسري مثلا على إنتاج اللقاحات والشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي أو علم الروبوتات. وكانت الحكومة الاتحادية أقرت بالفعل تغييرات على نظام التجارة الخارجية، ومن المقرر من خلال ذلك حماية الشركات التي تنتج أدوية ولقاحات "صنع في ألمانيا" على نحو أفضل من عمليات استحواذ مستثمرين أجانب.
ويمكن للحكومة حاليا القيام بنظرة فاحصة، على نحو أدق وبشكل مبكر عما مضى، على عمليات الاستحواذ المخطط لها لشركات في قطاع الصحة.
من جهة أخرى ارتفع المناخ الاستهلاكي في ألمانيا على نحو طفيف عقب تراجعه التاريخي الشهر الماضي بسبب جائحة كورونا.
فقد ارتفع مؤشر التنبؤ بالمناخ الاستهلاكي لمعهد "جي إف كيه" الألماني لأبحاث الاستهلاك بالنسبة إلى حزيران (يونيو) المقبل إلى سالب 18.9 نقطة، بزيادة قدرها 4.2 نقطة مقارنة بتوقعات شهر أيار (مايو) الجاري.
وذكر المعهد أمس، أن هذه ثاني أدنى قيمة يسجلها المؤشر في ألمانيا، وفيما يتعلق بالميل إلى الشراء، ارتفع المؤشر بمقدار عشر نقاط مقارنة بشهر مضى ليسجل 5.5 نقطة، إلا أنه تراجع بمقدار 45 نقطة مقارنة بالشهر نفسه
عام 2019.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية