خطة إنعاش ألمانية - فرنسية كفيلة بتغيير قواعد اللعبة

خطة إنعاش ألمانية - فرنسية كفيلة بتغيير قواعد اللعبة
ميركل وماكرون يطلقان الخطة عبر الفضاء السيبراني

يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مقاومة من دول في شمالي أوروبا، لإنشاء صندوق إنعاش جديد بقيمة 500 مليار يورو، حيث تسعى برلين وباريس إلى توسيع الدعم لخطتهما من أجل سحب الكتلة من التراجع الناجم عن جائحة فيروس كورونا.
قال لوكاس جوتنبرج، نائب مدير مركز جاك ديلور، "إنها الآن مسألة إرادة سياسية". سيتطلب ذلك قوة الإقناع الكامنة التي تملكها ميركل لإشراك دول مثل هولندا، في المشروع".

ما أهمية الخطة المشتركة؟
إنها أمر مهم للغاية، لأنها ستلزم المفوضية الأوروبية بجمع مبالغ أكبر بكثير مما فعلت من قبل في الأسواق، وتوزيعها كمنح غير قابلة للاسترداد للدول الأعضاء الموبوءة.
يشغل الاتحاد الأوروبي بالفعل ثلاثة برامج دعم للحكومات الوطنية، يتم تمويلها من قبل أسواق رأس المال، وهو بصدد تدشين برنامج جديد تماما - يسمى خطة شور لدعم برامج الاحتفاظ بالوظائف الوطنية.
هذه المبادرات تميل إلى الاعتماد على بروكسل في تقديم القروض وليس المنح، وهي أصغر بكثير مما تفكر فيه باريس وبرلين.
كان مفهوم تحول الاتحاد الأوروبي إلى "اتحاد انتقالي" أمرا عصيبا في ألمانيا، منذ أيام أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو.
بيد أن الخطة الجديدة ستمكن التحويلات المالية للاتحاد الأوروبي من الوصول إلى المناطق الأكثر تضررا.
ستحتاج القروض الإضافية للمفوضية إلى أن يتم دفعها مرة أخرى مستقبلا من ميزانية الاتحاد الأوروبي. سيتم مناقشة الكيفية والزمان.
قال أولاف شولتز، وزير المالية الألماني، إن الاتحاد الأوروبي يقترب من "لحظة هاميلتون"، في إشارة إلى أول وزير للخزانة الأمريكية، حول الولايات المتحدة في 1790 إلى اتحاد مالي، بتحويل ديون "الولايات" إلى ديون فيدرالية.
ووصف نظيره الفرنسي برونو لو مير، الاتفاق بأنه، "خطوة تاريخية ليس لفرنسا وألمانيا فحسب، بل خطوة تاريخية للاتحاد الأوروبي بأكمله" أيضا.

ما موقف الدول الأعضاء الأخرى؟
تلقت المقترحات ردا إيجابيا من إسبانيا، التي وصف رئيس وزرائها بيدرو سانشيز، الخطوة بأنها "خطوة أولى في الاتجاه الصحيح"، وهو الخطاب نفسه الذي ردده جوزيبي كونتي نظيره في إيطاليا. كلاهما كان من دعاة إصدار حكومات الاتحاد الأوروبي "سندات كورونا" مشتركة لزيادة الإيرادات من أجل الانتعاش.
بعض دول شمال أوروبا ثبتت على موقفها. قال المستشار النمساوي سيباستيان كورز، إنه ونظراءه في هولندا والدنمارك والسويد، لن يقبلوا سوى بصندوق إنقاذ لتوزيع القروض.
وقالت ماجدالينا أندرسون، وزيرة المالية السويدية، "سنكون شركاء فاعلين في هذه المناقشة أيضا، لكننا في الوقت ذاته سنتعاون مع الأربعة المقتصدين".
هناك علامات استفهام كبيرة عندما يتعلق الأمر بالاقتراض للإنفاق، وما إذا كان مسموحا بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي .
وتم تأكيد هذه المعارضة خلال مؤتمر عبر الفيديو بين وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، وفقا لدبلوماسيين ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي.
واجه شولز، الذي قدم الاقتراح، معارضة فورية من وزراء "مقتصدين" ضد اقتراض الاتحاد الأوروبي لتمويل المنح.

النقاط الشائكة؟
يبني الاقتراح الفرنسي الألماني على العمل الحالي للمفوضية لتعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على الاقتراض، من خلال إنشاء "مساحة إضافية" في ميزانية الأعوام السبعة، لدعم الدين ودعم التصنيف الائتماني للكتلة.
الخطوة التالية هي أن تقدم أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، مقترحات كاملة لصندوق الإنعاش وميزانية الأعوام السبعة التي ستبدأ في 2021.
قال فالديس دومبروفسكيس، رئيس السياسة الاقتصادية في المفوضية، إن المفوضية ستقدم خطة لزيادة إنفاق الاتحاد الأوروبي بـ"رقم يتجاوز تريليون يورو" عندما يتم حساب القروض والمنح معا.
إلى جانب عمل المفوضية، ستتكثف المحادثات بين الدول الأعضاء، وسيناقش تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، عقد قمة جديدة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

تفعيل الخطة عمليا؟
من بين الأسئلة الرئيسة، هناك حجم صندوق الاسترداد والتوازن بين المنح والقروض، وأيضا كيفية توزيع الأموال وكيفية سدادها.
يناقش الدبلوماسيون بالفعل المعايير التي ستستخدم لتحديد تخصيص الأموال. دول أوروبا الشرقية مثلا، تضررت اقتصاديا، لكنها لم تتضرر بشدة من الأزمة الصحية وهي تستعد للمعركة.
سيتعين على الدول الأعضاء أيضا مناقشة كيفية سداد الديون من ميزانيات الاتحاد الأوروبي المستقبلية، دون حرمانها من الموارد.
هذا هو السبب وراء نفض المفوضية الغبار عن الطموحات التي طال أمدها، لمنح الاتحاد الأوروبي "موارد خاصة" جديدة - مصادر مباشرة أكثر للإيرادات إلى جانب تلك الموجودة، مثل الرسوم الجمركية الموجودة بالفعل.
الخطط الخاصة بالبلاستيك أو الضرائب الرقمية في الاتحاد الأوروبي، مثيرة للجدل السياسي.

أهمية الخطة للدول تحت الضائقة
تبلغ قيمة الحزمة ما يزيد قليلا على 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول لاتحاد الأوروبي الـ27، لذا فإن لها وزنا.
كما يقول جونترام ولف من "بروجيل" المؤسسة الفكرية، فإن تأثيره الاقتصادي سيعتمد على كيفية توزيع التمويل - إذا تم توزيعه بالتساوي على الكتلة، فإن الأهمية ستضعف.
التوقع هو أن معايير التخصيص ستضمن حصول المناطق الأكثر رزوحا تحت الضغط، على حصة غير متناسبة من التمويل.
كان لإعلان ميركل وماكرون، تأثير فوري وملحوظ في أسواق الديون السيادية، ما يشير إلى أن المستثمرين شعروا بالارتياح.
تقلص الفارق بين عائدات السندات الإيطالية لعشرة أعوام والسندات الألمانية بنحو 25 نقطة أساس.
قالت كيارا كريمونيزي، الخبيرة الاستراتيجية في "يونيكريديت"، إن المستثمرين يركزون على الإشارات السياسية الأوسع، التي يقدمها التحالف الألماني - الفرنسي، "هذه خطوة مرحب بها في أوروبا وإطارها المؤسسي إذا مضت قدما. إن ذلك يشير إلى وجود استعداد لتطبيق التضامن لمساعدة الإنعاش الاقتصادي".

الأكثر قراءة