Author

في ذكرى البيعة .. الإصلاحات تتحدث

|

لكل شعب من الشعوب أيام تمثل تحولا كبيرا في حضارته، وفي إنجازاته، وفي صموده، وفي هذه الأيام المباركة تمر بنا نحن الشعب السعودي ذكرى بيعة الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، وهي البيعة التي جاءت في يوم ٢٦ من رمضان ١٤٣٨هـ، وبما يوافق ليلة الـ27 من ليالي رمضان المبارك، وفيها ترفع الأيادي لله العظيم أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى كل ما من شأنه رفعة هذه البلاد ما يصون شعبها ويحفظ ثرواتها، وأن تستمر المملكة أبد الدهر في خدمة ضيوف الرحمن حجاجا ومعتمرين وزائرين للمسجد النبوي الشريف، لقد كانت بيعة الأمير محمد بن سلمان بيعة مباركة، حيث حققت المملكة معه مكانة سياسية واقتصادية مرموقة شهد بها كبار الرؤساء، كما تحقق لنا عديد من الإنجازات والقفزات الكبيرة نحو إتمام رؤية المملكة 2030.
ففي الجانب السياسي استطاع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد أن يصبح محورا أساسيا في الحوار السياسي في القضايا كافة ذات الاهتمام الدولي الكبير، وكان من إنجازاته لفت الانتباه العالمي إلى خطورة الاتفاق النووي مع إيران، وقد تنبه العالم إلى خطورة ذلك وتغيرت معه قواعد العمل حتى وجدت إيران نفسها في عزلة دولية وتواجه ضغوطا كبيرة في هذه المسألة.
وفي الشأن اليمني، أثبت ولي العهد السعودي صلابة القرار السعودي واستمراره في دعم الحكومة الشرعية في اليمن ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وهو ما قوض المشروع الإيراني تماما، واستطاعت المملكة أن تحيد الهجمات الصاروخية والدرونز كافة التي حاولت الميليشيا الحوثية من خلالها إرباك المشهد ونقل الصراع من حقيقته كصراع يمني – يمني، إلى صراع إقليمي، وهو نفسه المشهد الذي حاولت معه ميليشيا "حزب الله" أن تنقل الصراع اللبناني من قبل، لكن حكمة الرأي السياسي عند الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع السعودي أفشلت هذا المشروع، وأبقت الحقيقة واضحة أمام الرأي العام العالمي.
القرار السياسي عند ولي العهد يتمتع بالحكمة والصلابة وقد أثبتت الأحداث ذلك من خلال النجاح الكبير في كشف ملابسات قضية جمال خاشقجي التي حاول الإعلام الفاسد والممول من جهات معادية إخراج القضية عن مسارها الجنائي الطبيعي، لكن حكمة القرار السياسي عند الأمير محمد بن سلمان وشفافية الإجراءات القضائية حققتا العدالة الناجزة في هذا الموضوع مع الحفاظ الكامل على سيادة القرار السعودي، وبما عدّ إنجازا قضائيا عند كل الدول والشعوب المحترمة وبما أسكت كل الأقلام المأجورة.
وفي الجانب الاقتصادي، فإن الأمير محمد بن سلمان تصدر للمشهد الاقتصادي العام الماضي وهو أمر لا جدال فيه بدءا من أعمال قمة دول "العشرين" التي انعقدت في اليابان وتأكيد المملكة أهمية وضرورة إنهاء الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ولفت النظر إلى الاقتصاد الرقمي.
كما جاء تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز رئاسة المجموعة ٢٠٢٠، دليلا على الأهمية الكبيرة التي يراها العالم الاقتصادي في حكمة قيادته.
ولقد بدأت المملكة منذ وقت مبكر ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في الاستعداد لأعمال هذه المجموعة الاقتصادية الكبرى، لتصبح أعمال واجتماعات اللجان التحضيرية "فرصتنا .. لنلهم العالم برؤيتنا"، وأصبحت هذه العبارة شعارا، خاصة مع قدرة المملكة على عقد اجتماع طارئ لقادة المجموعة من خلال تقنيات الاتصال عن بعد، وهي المرة الأولى التي تنعقد فيها قمة عالمية، لتؤكد المملكة جدارة مواكبتها الأحداث العالمية الكبرى.
ومن خلال رؤية وفكر الأمير محمد بن سلمان تمت مضاعفة الاستثمار في شركات التقنية من خلال صندوق الاستثمارات العامة الذي يرأس مجلس إدارته، حيث استحوذ الصندوق خلال العام الجاري على حصص كبيرة في عدد من الشركات بما في ذلك "بي بي" و"بوينج" و"سيتي جروب" و"فيسبوك" و"ديزني" كما حصل على حصة مهمة في شركة سفن الركاب الأمريكية «كارنفال»، واستحوذ الصندوق على حصص في أربع شركات طاقة أوروبية، وأربع شركات نفط عملاقة في أوروبا إضافة إلى حصة مهمة في أحد عمالقة التطوير العقاري في أمريكا، ومع جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع اتجهت الأنظار إلى الأمير محمد بن سلمان وتتابعت الاتصالات من الأمين العام للأمم المتحدة ومن مدير منظمة الصحة العالمية، فقد أصبحت المملكة بفضل جهود ودبلوماسية ولي العهد مركزا عالميا لصنع القرار لما يراه الجميع من حكمة الرأي وسداده لكل ما فيه مصلحة الشعوب، والأمن والسلم العالمي، وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة امتنانه العميق لما تقدمه المملكة من دعم إنساني لليمن وما تم تخصيصه أخيرا من مبلغ 500 مليون دولار ليتفادى الشعب اليمني آثار جائحة كورونا كافة، كما أن الاتصالات واللقاءات بولي العهد الأمير محمد بن سلمان جاءت من أقطار الأرض كافة بشأن السوق النفطية، وكما سبق واستطاع الأمير بحكمته أن يحقق تنسيقا بين منظمة أوبك وروسيا بما أصبح يعرف بمجموعة "أوبك +" فقد نجح مرة أخرى في تحقيق اتفاق عالمي غير مسبوق بين الأطراف كافة المنتجة للنفط في العالم للوصول إلى تخفيضات نفطية تجاوزت عشرة ملايين برميل يوميا.
ولم تكن هذه الجهود الجبارة في العلاقات والأسواق الخارجية لتشغل الأمير محمد بن سلمان عن الشأن الداخلي، فقد حققت العلا قفزات اقتصادية وسياحية هائلة منذ أن ترأس الأمير محمد بن سلمان مجلس إدارة الهيئة الملكية للعلا، وأصبحت معلما سياحيا عالميا بارزا.
كما تحققت إنجازات هيكلية كبيرة وتم دمج هيئة الرقابة والتحقيق بهيئة مكافحة الفساد، لتصبح هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي انطلقت بقوة كبيرة مدعومة بإشراف مباشر من ولي العهد لتحاصر الفساد وتجفف منابعه.
كما حققت المملكة قفزة قياسية في مؤشر سهولة الأعمال لتصبح المملكة الأولى عالميا في الإصلاحات من بين ١٩٠ دولة، كما أثبتت الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها الميزانية العامة للدولة قفزة كبيرة في مؤشر الشفافية، كما استطاعت المملكة من خلال تلك الإصلاحات أن تخفف من آثار إغلاق الاقتصاد نتيجة انتشار فيروس كورونا، حيث تم دعم الاقتصاد بنحو 200 مليار ريال، مع تسهيلات واسعة للقطاع الخاص بغية المحافظة على ما تحقق من إنجاز بشأن التوطين.
وفي ذكرى البيعة للأمير محمد بن سلمان وليا للعهد فإن ما ذكرناه هو غيض من فيض لن تتسع الصفحات والصحف لذكر ونشر وتحليل إنجازات الأمير ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

إنشرها