Author

أبواب للتحول الاقتصادي

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

لن تكون تحدياتنا الاقتصادية، خصوصا ما تشهده اقتصادات العالم من تغييرات خلال أزمة كورونا أقل خطورة من سرعة تعديل سياساتنا الصناعية والغذائية واللوجستية والبحثية بعد جائحة كوفيد - 19، فرغم صعوبة توقع تحديات مشكلات إدارة تحولات هياكل اقتصاداتنا في الخليج؛ إلا أنني أرى أن أزمة 2020 كشفت لنا أولويات تنسجم مع تعديل هيكلنا الاقتصادي في السعودية.
أولا، يمثل الأمن الزراعي أولوية عالية ولا سيما للمحاصيل التي تمتاز بها مناطقنا ذات المياه المتجددة كمنطقة الدرع العربي وبعض مدن المنطقة الشرقية وسهول تهامة ووادي الدواسر والقصيم وشمال حائل وتبوك والجوف والمناطق الداخلية كغرب الرياض، ومن المرجح أن يحدث استخدام التكنولوجيا الزراعية إنعاشا لاقتصادات المناطق؛ كما سيحدث تحولا في أنواع المنتجات وطرق استخدام المياه إلى أقل قدر ممكن، إضافة إلى أننا سنتخلص من العمالة الكثيفة في حدود استخدام التقنية، وبالنظر إلى تجارب دول فقيرة بالموارد لم تتوقف بل فتحت مسارات تعالج عوز مواردها الطبيعية كما فعلت اليابان.
ثانيا، خفض فاتورة الواردات عبر صناعات خفيفة بما في ذلك صناعات الأغذية، بلغ ما تم إنفاقه على فاتورة وارداتنا منذ 2010 إلى 2019، 5.5 تريليون ريال مقابل صادرات غير نفطية 1.9 تريليون ريال؛ ولمساعدة المستثمرين على اكتشاف هذا الكنز نحتاج إلى أن تقوم الجمارك بكشف أسماء المنتجات والعلامات التجارية وأسماء المستوردين وقيمة كل منتج عبر قاعدة بيانات مفتوحة المصدر؛ بهدف فتح شهية المستثمرين للاستثمار الصناعي بدلا من اكتناز أموال الإنفاق الحكومي في عقارات عطلت الصناعة ولم ترفع نسب التوظيف.
ثالثا، تسريع معدل نمو صناعات الأدوية في مجالي: أدوية مكافئة Generic drug التي انتهت فترة حمايتها الفكرية، وأدوية بيولوجية؛ فمعدل اكتفائنا الدوائي لا يتخطى 20 في المائة وبعدد محدود من المصانع الوطنية، أعتقد أن استراتيجيات صناعتنا عموما والدوائية خصوصا معالمها غير واضحة للمراقب الاقتصادي والمستثمر باستثناء البتروكيماويات.
رابعا، إعادة هندسة منظومة أمن الإمداد والخدمات اللوجستية الداخلية والخارجية والتحقق من قدرتها على الصمود في الأزمات والمواسم، وقد قامت وزارة التجارة بدور عظيم في أزمة كورونا؛ لتعقب سلاسل الإمداد، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات والتقنيات والتشريعات لضمان معرفة مواقع التخزين على مستوى البلاد وحجم المخزونات رقميا ومستويات المخزونات الآمنة لحظيا مع تفعيل تقنية بلوك تشين لمنع أي انتهاك انتهازي.
خامسا، مراجعة أداء مراكز الأبحاث الطبية وغير الطبية في الجامعات والمراكز المختصة وربطها بنتائج اقتصادية ومؤشرات مالية، ثم إنه يمكننا ربط بقاء مديري الجامعات والمراكز في مناصبهم بحجم تحول أبحاثهم إلى منتجات تولد عوائد مالية للبلاد، وأخيرا، الأولويات التي لمعت لدينا من أزمة كورونا تحتاج إلى تنفيذ؛ لأنها بوابات تحول اقتصادي وتمثل احتياجات ملحة.
إنشرها