مسجد التوبة في تبوك .. حاضن جيش العسرة ومعقل آخر الغزوات
ارتبطت المرحلة التاريخية التي يمثلها مسجد "التوبة" في مدينة تبوك بالأحداث التي رافقت غزوة تبوك، عندما عقد الرسول - صلى الله عليه وسلم - العزم على التوجه إليها في السنة التاسعة من الهجرة لملاقاة جيش الروم آنذك، في غزوة أضاف بعد المسافة عن المدينة المنورة واشتداد الحر مشقة عليها، فسمي الجيش حينها "جيش العسرة". ولما لتلك الغزوة من لحظات فارقة كشفت فيها عن أفئدة المنافقين وتخلفهم، تبدأ تفاصيل المكان في مد جسور التاريخ، لتنطق بأحداثها شواهد المسجد وساحاته، وما ارتسمت على طرقاته من خيالات عابرة، تعيد الذاكرة إلى مراجعة تلك الأحداث التي شهدت آخر الغزوات النبوية، بحسب "واس".
ويذكر الدكتور مسعد العطوي الباحث في تاريخ منطقة تبوك، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختطه بيده الشريفة عند بئر كانت المصدر الوحيد للماء في المنطقة، حيث أقام الرسول في تبوك 20 يوما، وأدى الصلاة جماعة مع أصحابه في هذا المكان الذي عرف بعد ذلك بمسجد الرسول طوال مدة إقامته، إلا أن بعض الباحثين سموه مسجد التوبة، نسبة إلى سورة التوبة التي نزلت عقب غزوة تبوك، وبقي على هذا المسمى حتى وقتنا الحالي.
وقال، إن مسجد التوبة من المساجد التي بناها الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، في عام 98 هـ، وكان عبارة عن سور تحيط به بعض المواقع، وجدد بعد ذلك مرات عدة إلى أن زاره الملك فيصل بن عبدالعزيز، عام 1393هـ، فأمر بإعادة بنائه من جديد على طراز الحرم النبوي الشريف، وتم ما أراد خلال عام واحد، وظل على حاله حتى اليوم مع العناية التامة به من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف، حيث يتسع المسجد لثلاثة آلاف مصل.
وأضاف، أن المسجد يعد النواة التي تشكلت منها مدينة تبوك بأحيائها وأسواقها، حيث ظل حجاج الشام يستقرون حوله في رحلتهم لأداء فريضة الحج وعند عودتهم، لما يشكله من معلم مهم، تجاوره قلعة تبوك التي كانت الأخرى ذات أهمية، ومعلم من معالم المنطقة القديمة، وإلى القرب منه تقع أقدم أسواق منطقة تبوك المسماة حاليا "الجادة"، تلك الوجهة الاقتصادية لأهالي المنطقة منذ 200 عام، مشيرا إلى أن زائري تبوك يحرصون على زيارة مسجد التوبة، ومشاهدة ما يحويه من موروث حضاري قديم، ومعالم وذكرى ارتبطت بالسيرة العطرة لنبي الرحمة والهدى - عليه الصلاة والسلام -.