Author

قطاع السيارات .. الكارثة لم تحدث بعد

|

منذ الأيام الأولى لتفشي وباء كورونا المستجد، انضم قطاع السيارات في العالم، إلى القطاعات التي تعاني هذه الجائحة. وأعلنت مجموعة من شركات تصنيع السيارات، تراجع معدل إنتاجها، وتوقفت مصانع تماما عن العمل، بفعل الحجر الذي أعلنته الحكومات في أغلبية الدول، ولا سيما تلك التي تشهد قطاعات السيارات حضورا كبيرا فيها، بل تعد جزءا أصيلا ومساهما كبيرا في الناتج المحلي الإجمالي. وصارت هذه الشركات تئن تحت وطأة الوباء المتصارع والخطير على الساحة العالمية، تماما مثلما تعاني شركات تصنيع الطائرات بأنواعها، وكل المؤسسات التي ترتبط بالنقل والشحن عموما. وبالطبع، لا توجد بارقة أمل حتى الآن على تعافي هذا القطاع المحوري، لأن الأمر مرتبط بمدى قدرة العالم على السيطرة على كورونا.
ففي دولة كألمانيا - مثلا - تبلغ حصة صناعة السيارات ومكوناتها 16.5 في المائة من الصادرات الألمانية الإجمالية بنحو 1318 مليار يورو. ويسهم هذا القطاع بنحو 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وفي اليابان، يتصدر هذا القطاع قائمة القطاعات الأكثر نشاطا، الأمر الذي حول هذه الدولة إلى أكبر مصدري المركبات بأنواعها في العالم. والأمر مشابه بصورة أو بأخرى في أغلبية الدول الصناعية الغربية. علما بأن مصانع السيارات تستقطب معدلات مرتفعة جدا من العمالة، ما يدعم الاقتصاد من هذا الجانب الاجتماعي. وقبل أيام، حذرت شركات تصنيع السيارات في بريطانيا من كارثة حقيقية، إذا لم تتحسن الأحوال، وتعود اقتصادات العالم إلى العمل مجددا بطاقاتها السابقة نفسها.
ببساطة، هناك مصيبة تصيب صناعة السيارات حول العالم، وتراجع الإنتاج أضاف مأساة أخرى جديدة لهذا القطاع. ومع ذلك، بقيت أسعار السيارات في مستوياتها المرتفعة، ولم تتأثر بخفض الإنتاج، وعزوف أغلبية الناس عن الشراء في هذا الوقت تحديدا. وهذا أمر غريب بالفعل، والمستهلك لم يتلمس ويشعر بانخفاض بسبب هذا الوضع، فالقاعدة معروفة، وهي تراجع أسعار المنتج إذا ما خف الطلب عليه. ورغم العروض التي أجهدت وكالات السيارات نفسها في تقديمها، إلا أن المستهلك لم يشعر بصورة واضحة بتراجع الأسعار. صحيح أن المسألة تحتاج إلى فترة أطول كي تظهر بوضوح أكثر، لكن الصحيح أيضا أن تراجع المبيعات كان كبيرا وخطيرا للغاية في هذا المجال، وهذا ما يجعل الأوساط الاقتصادية تستغرب طبيعة الأداء الراهن لسوق السيارات في كل مكان.
لا شك في أن وكلاء شركات السيارات يسهمون مباشرة في بقاء الأسعار على حالها، لأنهم يسعون إلى تحقيق أكبر الأرباح، ويتمسكون بهذا الجانب بقوة دون تنازل، واضعين في المقام تحقيق الأرباح مثلما كانوا يفعلون في الأوقات العادية، وظلوا كذلك، خصوصا في زمن الوباء. ومع ذلك، لم تتحرك الشركات الأم للضغط على الوكيل المحلي لخفض الأسعار بما يتناسب مع الظروف الحالية، حتى لا يدخل قطاع السيارات في كساد طويل. فشركة "تويوتا" اليابانية لصناعة السياراتة - مثلا - التي تتنافس كل عام مع "فولكسفاجن" الألمانية على تصدر قائمة الشركات الأكثر بيعا للمركبات في العالم، توقعت انهيارا كبيرا في نشاطاتها للعامين الجاري والمقبل بسبب كورونا 20 في المائة. وهذا لوحده لا بد أن ينعكس على سوق التجزئة، خصوصا مع تراجع المبيعات أصلا حتى قبل انفجار الوباء المشار إليه. وفي المحصلة، هناك اضطراب ما بهذا الخصوص، في حين أن وكلاء السيارات سيضطرون في وقت قريب ما، لمجاراة التطورات بهذا الشأن. فهم في النهاية لا يستطيعون معاندة المعطيات على الساحة، بصرف النظر عن أي تبريرات يقدمونها.

إنشرها