FINANCIAL TIMES

تضاؤل فرص تشغيل خريجي عام الجائحة

تضاؤل فرص تشغيل خريجي عام الجائحة

التخرج هذا العام بات مرتبطاً بالجائحة

تضاؤل فرص تشغيل خريجي عام الجائحة

بكاء مزدوج لخريجي العام من الفرحة وتقلص الفرص

في شباط (فبراير) الماضي، تلقت أوليفيا طالبة الحقوق التي تساورها طموحات الحصول على مهنة في مجال الطيران، عرضا للعمل على وظيفة في هيئة لتنظيم المطارات في بريطانيا.
بعد أسابيع قليلة سحب العرض لأن المنظمة لم تستطع "تحمل استضافة حملة شهادات الخريجين" هذا العام، على حد قولها.
أوليفيا التي تفضل عدم ذكر اسمها الأخير، تعد نفسها واحدة من المحظوظين القادرين على الدراسة في امتحاناتها النهائية عبر الإنترنت، في المنزل مع والديها.
"يعترك كثير من أصدقائي للوصول إلى المحتوى بسبب ضعف اتصالات الواي فاي، أو صعوبات في التركيز بسبب الأسر المزدحمة، أو من إدارة الصحة العقلية السيئة التي تفاقمت بسبب عدم اليقين ونقص الدعم".
هذا الفوج من طلاب العام النهائي سيدخل سوق العمل التي انقلبت رأسا على عقب بسبب الوباء. يقول تشارلي بول، رئيس استخبارات التعليم العالي في وحدة خدمات مهن التعليم العالي في بريطانيا، إن أرباب العمل لم يعودوا قادرين على إدراك حقيقة الموقف: "هذا يختلف تماما عن التجربة العادية".
وردا على ذلك، يسحب البعض عروض العمل أو يقدمون تواريخ البدء أو إعداد جلسات تعريف افتراضية في مكان العمل.
برامج التدريب الداخلي عادة ما تكون جزءا من تقييم عروض العمل المستقبلية، على أنه يجري إلغاؤها أو تأجيلها أو تحويلها إلى رقمية الآن.
توصل استطلاع أجراه موقع بروسبكتس Prospects لوظائف الخريجين في بريطانيا، إلى أن 28 في المائة من الخريجين ألغيت عروض العمل المقدمة لهم أو تأخر تاريخ بدء توظيفهم.
وفقا للرابطة الوطنية الأمريكية للكليات وأرباب العمل "نيس" Nace فإن 4 في المائة من الأعضاء يسحبون العروض و20 في المائة يفكرون في ذلك، في حين ألغى 21 في المائة عروض التدريب الداخلي.
يقول إدوين كوك، رئيس قسم الأبحاث في "نيس"، إن هذا "أمر غير معتاد على الإطلاق. آخر مرة رأينا فيها شيئا كهذا كان في 2009، عندما قرر 9 في المائة من أصحاب العمل إلغاء العروض".
وبينما يقول إنها علامة على "كرب شديد" في سوق العمل، فإنه يحذر من أن كثيرا من أصحاب العمل ينتظرون لمعرفة كيف سيكون الوضع خلال أسابيع: "إنهم لا يريدون الرد بسرعة أكبر من اللازم على الوضع".
الخريجون الذين ليس لديهم عروض سيتعين عليهم البحث عن معارض التوظيف عبر الإنترنت، وملاحقة عدد أقل من الوظائف.
يقول ستيفن إيشروود، الرئيس التنفيذي لمعهد أرباب العمل للطلاب: "نعلم أن التأثير سيكون شديدا". توصل المعهد إلى أن أكثر من ربع الشركات (27 في المائة) يعمل على تقليل عدد الخريجين الذين توظفهم في 2020.
على أن إيشيروود يحذر من التعميمات: بعض قطاعات الضيافة والسياحة تضررت بشدة، وكذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تركز على الابتعاد عن الصعوبات، بدلا من التوظيف.
هناك بعض النقاط المضيئة، بما في ذلك شركات التكنولوجيا وبرامج مثل Teach First، التي تعمل في المدارس في المناطق المحرومة، حيث إن أعداد الخريجين كبيرة في 2020، والتوظيف من أجل العام المقبل قد بدأ للتو.
يقول مارتن بيرشال، العضو المنتدب لدى شركة هاي فلايرز ريسيرتش High Fliers Research التي تبحث في وظائف الخريجين، إنه على عكس أزمة 2009، يعمل أكبر أصحاب العمل بجد للحفاظ على توظيفهم للخريجين على الوضع الصحيح: "معظم الأسماء الكبرى مستمرة في استيعاب الخريجين حسب الخطط المقررة، وإن كان في ظل ظروف صعبة". يقول إيشيروود: "سوق الخريجين ستتعرض للضغط، لكنها لن تتوقف بالكامل".
عدم اليقين
يقول بول إن أصحاب العمل الذين يوظفون الخريجين لا يريدون المخاطرة بسمعتهم من خلال سحب العروض. شركة بي دي أو للمحاسبة، على سبيل المثال، أعطت إجازات للمتدربين الحاليين في العام الأول، ولا توظف المزيد، لكنها تلتزم بما وعدت به من تقديم 400 عرض للمتدربين الجدد بدءا من الخريف.
في حين تقول شركات المحاماة الكبرى في الحي المالي في لندن، إنه ليس لديها خطط فورية لخفض ما تستوعبه من الخريجين، إلا أنها منحت إجازات لبعض المتدربين، على سبيل المثال، في شركة جيتلي.
وفي الوقت نفسه، يتم تعطيل دورة الممارسة القانونية لخريجي الدراسات العليا التي يحتاج المحامون المحتملون إلى إجرائها.
أشارت هيئة لتنظيم المحامين في بريطانيا، إلى أنها ستقبل اقتراحات مقدمي الخدمة الذين يسعون للإشراف على الامتحانات عبر الإنترنت.
عادة ما يستعد طلاب القانون في العام الثاني والخريجون الذين يأملون في التحول إلى القانون، إلى جولات تدريب الربيع والصيف من برامج الإجازات - وهو أمر حيوي للحصول على وظيفة في شركة محاماة كبرى.
ألغت جملة من الشركات برامج الربيع ولم تتفق حتى الآن على تاريخ جديد. وهناك شركات أخرى تقدم برامج افتراضية.
على سبيل المثال، ستطلق شركة كليفورد تشانس Clifford Chance مخططا للإجازة الصيفية عبر الإنترنت في تموز (يوليو) المقبل، حيث تقدم ثلاثة أيام من التعلم في الفصول الدراسية باستخدام منصة رقمية.
سيطلب من الطلاب العمل على صفقات الحياة الواقعية وحل المشكلات، ثم الحصول على خيار التدريب لدى محام متمرس لمدة يومين في كانون الأول (ديسمبر) من هذا العام.
نقلت شركة جوجل أيضا برنامج التدريب الصيفي إلى نموذج افتراضي. وسيشتمل هذا على مناسبات التواصل مع المتدربين للقاء الأقران، وجلسات التوجيه.
برامج إي واي الافتراضية ستكون عبارة عن وحدات مستقلة، على الرغم من أن شركة الخدمات المهنية تصر على أنه ستكون هناك فرص للعمل مع العملاء، وكذلك التدريب والتواصل.
تتحدث طالبة في العام الثالث، من المقرر أن تبدأ التدرب في بنك جولدمان ساكس، عن ارتياحها لاستمرار برنامج التدريب الداخلي، على الرغم من تقليصه من تسعة إلى خمسة أسابيع والتحول نحو الإنترنت.
وتقول: "عادة يكتمل توظيف الخريجين خلال فترة التدريب الصيفي، لذلك أشعر أنني محظوظة لأنني ما زلت أملك هذه الفرصة، في وقت يصعب فيه الحصول على وظيفة". كما أنها مرتاحة لتجنيب نفسها دفع الإيجار في لندن طوال المدة، على الرغم من أنها تعرف أن آخرين قد التزموا بعقود الإيجار.
المزايا الافتراضية
عثرت إحدى طالبات العام الأول على ميزة غير متوقعة من الشكل الافتراضي للعمل: سمح لها بتخصيص مزيد من فترات التدريب الداخلي في عطلة الربيع، بالتناوب عبر شركات: لازار وماكينزي وبي إن بي باريبا وديلويت.
وفوجئت بأنها وجدت التجربة "حقيقية تماما". وتقول إن العمل في مشروع مع الغرباء على "زووم" يظهر بالتأكيد أننا قادرون على التكيف.
لست متأكدة من الكيفية التي ستنظر بها الشركات إلى التعيينات - سواء كانت ستحسبها بأهمية التدريب الداخلي نفسها شخصيا.
تم تصميم كثير من أسابيع الربيع لتكون وسيلة للشركات لتوظيف المتدربين الصيفيين في المستقبل، ومن الصعب جدا على الشركات اتخاذ قرارات بناء على هذه الأحداث الافتراضية القصيرة.
يعتمد التدريب الداخلي الافتراضي على قدرة الطلاب على الوصول إلى الإنترنت السريع، إضافة إلى وجود مكان هادئ للعمل، وهناك مخاوف من أن الأشخاص الذين هم من أسر ذات دخل منخفض، الذين يعانون ظروفا معيشية مزدحمة، قد يكونون في وضع سلبي.
يقلق أرباب العمل من أن التدريبات الافتراضية التي تم تصورها على عجل، قد تردع الطلاب عن التقدم للحصول على جولات عمل لاحقة لذلك يفضلون الإلغاء.
هناك شركات أخرى، بما في ذلك مجموعة لويدز المصرفية، ألغت برامج التدريب الداخلي، إلا أنه تم تسريع برنامج المرشحين إلى المرحلة النهائية من عملية تقديم الطلبات للخريجين. قدم آخرون وظائف لبرامج صيف 2021 لطلاب العام قبل الأخير، الذين تأهلوا للتدريب هذا العام.
التأثير طويل المدى
يمكن أن يستمر تأثير التخرج في اقتصاد الركود إلى ما بعد التراجع الاقتصادي. توصل تقرير صادر عن مؤسسة ريزليوشن فاونديشن Resolution Foundation في بريطانيا العام الماضي، من أن "فوج الأزمات" الذي دخل سوق الوظائف في أعقاب الأزمة المصرفية "استمر في مواجهة معدلات بطالة أعلى وأجور أدنى وآفاق عمل أسوأ لفترة لاحقة بلغت عقدا من الزمن، مقارنة بشباب آخرين دخلوا العمل قبل الركود الاقتصادي أو بعده".
يقول بيتر كابيلي، مدير مركز الموارد البشرية في كلية وارتون للأعمال، إن من أسباب هذا التأثير هو بعض خصوصيات سوق التوظيف: "المشكلة هي أن أصحاب العمل يغلب عليهم النظر إلى الخريجين من ذلك العام. وهم يقتصدون في وقت توظيفهم".
توصلت دراسة أجراها الاتحاد الوطني للطلاب في بريطانيا، إلى أن 81 في المائة من المستجيبين قالوا إنهم قلقون بشأن تأثير أزمة فيروس كورونا في فرص تشغيلهم، كما أن 71 في المائة قلقون بشأن تأثيرها في إمكانية توظيفهم.
تقول سارة أتكينسون، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الحراك الاجتماعي إن سوق توظيف الخريجين تمثل تحديا دائما للطلاب من خلفية محرومة الذين قد لا تكون لديهم العلاقات المهنية، والتميز الواضح لأقرانهم الأكثر امتيازا: "في الوقت الحالي، يتفاقم هذا لأن لديهم أيضا وصولا أسوأ إلى التكنولوجيا".
تضيف أتكينسون أن بعض الشركات تعمل منذ الآن على تقليص أنشطتها في مجالي الاتصال والتوظيف، وهذا يعني أن الفجوة من المحتمل أن تتسع: "إذا استجابت الشركات للأزمة بالتراجع إلى الراحة السطحية للتوظيف من مجموعة صغيرة من الخريجين من عدد قليل من الجامعات، فإن ذلك يغلق الباب أمام المواهب من خلفيات محرومة".
إن بعض أرباب العمل ينشئون الإدماج ضمن التدريب الافتراضي والتوظيف عبر الإنترنت، على حد قولها، إضافة إلى ذلك، أصبح لدى مزيد من المحترفين الوقت لتقديم المشورة.
يقول بول من وحدة خدمات مهن التعليم العالي، إنه لا ينبغي منع الطلاب من البحث عن وظائف للخريجين: "في عام 2008، لم يكترث كثير من الطلاب لأنهم لم يعتقدوا أن الأمر يستحق ذلك. كان لذلك تأثير غير متناسب في هؤلاء الطلاب من ذوي الدخل المنخفض. نحن نحاول موازنة الرسائل حتى لا تجعل الوضع أسوأ".
هناك أيضا مخاوف من أن الخريجين قد يجدون أنفسهم معرضين للضغط كي يعملوا مجانا. تعتقد تانيا دي جرونوالد، مؤسسة جود بلس فير كلب، أن فيروس كورونا يمكن أصحاب العمل من إعادة تصنيف العمل الحر، على أنه واجب مدني: "ينتهي الأمر دائما بالبقاء للأصلح في أوقات كهذه - وآمل أن عددا كبيرا من أصحاب العمل يعملون بشكل جيد في هذا المجال، ويلتزمون بالتصرف اللائق".
تقول جوزي دوبرين، الرئيسة التنفيذية لشركة كريتيف أكسس Creative Access، وهي مؤسسة اجتماعية تدعم أشخاصا من خلفيات ممثلة تمثيلا ناقصا في وظائف إبداعية: "رأيت أشخاصا يتحدثون عن التطوع لأداء أدوار هي وظائف للفنيين والمختصين. إنهم يعرفون أنهم إذا عملوا متطوعين، سينعكس ذلك بصورة جيدة على سيرهم الذاتية".
السفر خيار لا يتوافر للخريجين في عصر العزلة الاجتماعية. قيل لطالبة لغة في العام الأخير إن عرضها لتعليم اللغة الإنجليزية في الصين تم تجميده.
وتقول: "إنه أمر مضحك. بدأت الأوضاع تعود إلى طبيعتها في الصين الآن. الصين ربما أكثر أمانا مما أنا عليه الآن في بريطانيا، فيما يتعلق بالفيروس".
ماذا يفعل الخريجون هذا الصيف؟
إليزابيث دارلينجتون، مديرة الحياة المهنية في كلية لندن للاقتصاد، تذكر الخريجين باستخدام هذا الوقت لإجراء اتصالات: "نعلم أن كثيرا من الخريجين وأرباب العمل لدينا منفتحون على محادثات الشبكات والمقابلات الإعلامية، حتى يظل بمقدور الطلاب بناء معارفهم وشبكاتهم بهذه الطريقة.
قد يختار الطلاب مجموعة من الأشياء المختلفة خلال الصيف بدلا من ذلك، والتطوع للمساعدة في مجتمعهم المحلي، وعقود قصيرة، وعمل البحث، وتعلم مهارة جديدة ملموسة، تكون مفيدة لحياتهم المهنية في المستقبل. سيقدر أصحاب العمل دائما الطلاب القادرين على إظهار المتانة والمرونة و’النهوض والانطلاق‘ خلال هذه الفترة ".
يقول نيك هيلمان، رئيس معهد سياسة التعليم العالي إن التطوع أو العقود قصيرة الأجل دليل مفيد "على أنك تمتلك المهارات الشخصية اللازمة للنجاح في مكان العمل".
أبلغ كثير من مقدمي التدريب عبر الإنترنت عن قفزة ملحوظة في الطلب في الأسابيع الأخيرة من قبل طلاب حرصاء على تعلم مهارات قابلة للتسويق، من تلك التي لا يزال هناك طلب كبير عليها. يقول بيير دوبوك رئيس منصة أوبن كلاسرومز OpenClassrooms عبر الإنترنت: "تشير التوقعات إلى أنه سيظل هناك نقص في العمالة في وظائف التكنولوجيا، وفي المنظمات الأخرى المتحولة إلى الإنترنت".
"أنصح الطلاب على وشك التخرج للدراسة عبر الإنترنت لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر إضافية، في مهارات مطلوبة الآن وبشكل كبير في المستقبل، على الرغم من الأزمة: البرمجة أو تحليل البيانات أو علوم البيانات. على سبيل المثال، مطورو الواجهة الأمامية أو محللو بيانات".
يقول ستيف إيشروود، الذي يوصي بالتطوع وأخذ وظائف قصيرة الأجل، بينما يستخدم أيضا الأدوات الافتراضية لخدمات الوظائف الجامعية، إن المرونة هي الأساس.
في حين أن برامج الخريجين يمكن أن توفر نقطة انطلاق رائعة للحياة المهنية، إلا أنها تشكل أقلية من الوظائف الأولى: "لست مضطرا للانضمام إلى شركة محاسبة كبيرة أو مصرف كبير للعمل في مجال التمويل. كل قطاع يحتاج إلى محاسبين، وهناك كثير من الطرق المؤدية إليه".
يعاني 28 % من الخريجين في بريطانيا إلغاء عروض العمل أو تأخير تواريخ التوظيف
من النقاط المضيئة بدء شركات تقنية وبرامج العمل في مناطق محرومة
للتو في التوظيف

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES