Author

تأسيس مصرف للأوقاف

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

القطاع الخيري الذي يشار إليه بالقطاع الثالث أو غير الربحي، يهدف إلى معالجة أي اختلالات قد تنشأ من أداء القطاعين الخاص أو الحكومي؛ ثم إن التشوهات قد تظهر على قطاع الأسر أو البيئة في شكل متطلبات ملحة للمجتمع.
وفي ظل اعتراف عالمي بأهمية قطاع العطاء في اقتصادات الدول؛ فإن قوة الخير في الاقتصاد لا يمكن تجاهل منافعها الاقتصادية؛ فهي تخفف معدلات البطالة وترفع جودة الوظائف، إضافة إلى دورها الأساس، فمؤسسات الخير في هولندا تمتلك حجم أصول تعادل 14 في المائة من الناتج المحلي، تليها سويسرا 13 في المائة، ثم الولايات المتحدة 4.8 في المائة، وإيطاليا 4.7 في المائة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن قطاعنا غير الربحي في السعودية لا تتخطى مساهمته في الاقتصاد 0.3 في المائة من حجم الناتج المحلي، في حين تبلغ مشاركته في أستراليا وبلجيكا والتشيك وفرنسا واليابان ونيوزلندا والولايات المتحدة وبريطانيا من 2.1 إلى 5 في المائة كمتوسط، حسب بعض التقارير التي اطلعت عليها ولا أزال أرى أنها غير دقيقة في منهجية الحساب. على أي حال، سواء كانت تلك الأرقام دقيقة أم لا، فلا يزال الفارق كبيرا بيننا ونحتاج إلى منهجية سريعة وفاعلة؛ لردم فجوة عطاء الأفراد والشركات عبر الأوقاف أو الأعمال الخيرية عموما.
وكما هو الحال دائما، هناك حاجة متزايدة إلى النفقات الاقتصادية والاجتماعية تتطلب منا عملا أكثر تنظيما يجعل من القطاع الثالث قوة اقتصادية مستدامة.
علاوة على ذلك، فإن قطاع الخير، مالي إلى حد كبير من حيث سماته المالية والاستثمارية وتفضيلات الوظائف ذات الطابع المالي لتوليد الأموال.
وعلى الصعيد الوطني، أرى أنه حان وقت تأسيس مصرف وقفي ممول من الدولة والشركات وهيئة الزكاة والأوقاف العامة والخاصة والأموال المجمدة في حسابات القاصرين ومن في حكمهم والمانحين، ثم يدار المصرف وفق أسس تجارية على غرار المصارف التجارية، من حيث الاستثمار ومنح القروض وتنفيذ عمليات الخزينة وتمويل فواتير الصادرات والواردات وجميع الاعتمادات التجارية؛ وسيكون له دور عظيم في تمويل وتنمية القطاع الخيري، إضافة إلى تمويل الأسر الفقيرة ومساعدتها على الدخول في الاقتصاد وتمكين العاطلين من العمل عن طريق تأسيس أنشطة تجارية مدرة للدخل يعملون فيها ويتملكونها مستقبلا.
سيحقق المصرف الاستدامة للأموال، وسيمكن المعوزين من العمل وتلبية نفقات العاجزين، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية، بحسب المصارف التي يقررها الواقفون. وأقترح أن يطلق برأسمال 3.8 مليار؛ وأتوقع أنه سيحقق عائدا سنويا من 300 إلى 412 مليونا؛ وفق أداء المصارف السعودية لعام 2019، وبمعدل نمو في رأس المال لا يقل عن 5 في المائة سنويا، إلا أن هذا المشروع يتطلب أن نطور تنظيمات وتشريعات جديدة من مؤسسة النقد لتتوافق مع وظائف المصرف الوقفي.
إنشرها