التنمية الاقتصادية والسكان عام 2020 «2 من 3»
يبلغ التعداد السكاني الحالي في الصين 1.44 مليار نسمة، وهي بذلك البلد الأكبر في العالم من حيث الكثافة السكانية، تليها الهند التي يبلغ عدد سكانها 1.38 مليار نسمة. لكن بحلول نهاية هذا العقد، ستصبح الهند هي البلد الأكبر من حيث الكثافة السكانية، إذ يتوقع بلوغ تعدادها السكاني 1.50 مليار نسمة، وفي المقابل، ستصل الذروة السكانية في الصين إلى 1.46 مليار نسمة. وخلال الفترة 2020 - 2050، سيتقدم ترتيب نيجيريا "التي يتوقع أن تحل محل الولايات المتحدة لتصبح ثالث أكبر بلد من حيث الكثافة السكانية وباكستان، وهما بالفعل ضمن الدول العشر الأعلى كثافة سكانية. وستظل آسيا موطنا لنسبة في المائة كبيرة لكن متناقصة من سكان العالم "60 في المائة حاليا و54 عام 2050".
ويعكس حجم السكان ومعدل نموهم عددا من القوى الأساسية المتمثلة في معدلات الوفيات والخصوبة والهجرة الدولية. وتتفاوت هذه القوى تفاوتا كبيرا عبر الدول، ويمكن أن تفسر عددا من أهم الاختلافات في النشاط الاقتصادي والأداء، مثل رأس المال المادي والعمالة ومراكمة رأس المال البشري، والرفاهية الاقتصادية والنمو، والفقر وعدم المساواة.
وعادة ما تتأثر هذه القوى بالصدمات الاقتصادية، والتطورات السياسية أيضا، مثل اشتعال الحروب وانتهائها وأزمات الحوكمة. وارتبط النمو السكاني في التحول من الاقتصادات النامية بظاهرة يطلق عليها أي التحول من معدلات وفيات مرتفعة إلى الديموغرافي معدلات وفيات منخفضة وما يليه من تحول مماثل في معدلات المواليد.
وعلى مدى الجانب الأكبر من تاريخ البشرية، كان الشخص العادي يعيش نحو 30 عاما. لكن بين عامي 1950 و2020، ازداد العمر المتوقع من 46 إلى 73 عاما، ومن المتوقع ازدياده بأربعة أعوام إضافية بحلول عام 2050. إضافة إلى ذلك، من المنتظر بحلول عام 2050 أن يتجاوز العمر المتوقع 80 عاما فيما لا يقل عن 91 بلدا وإقليما ستشكل حينها 39 في المائة من سكان العالم. وتعد زيادة عمر الإنسان إنجازا بشريا كبيرا يعكس تحسن آفاق العيش في جميع مراحل دورة الحياة، ولا سيما مرحلتي حديثي الولادة والأطفال.
ويستمر التقارب بقوة بين الأعمار المتوقعة عبر الدول. فعلى سبيل المثال، بلغت فجوة العمر المتوقع بين إفريقيا، وأمريكا الشمالية 32 عاما في 1950 و24 عاما في 2000 ووصلت إلى 16 عاما في الوقت الحالي. وتعكس الانخفاضات التاريخية والمرتقبة في الفجوة الصحية عبر الدول تحسن مستويات الدخل والتغذية بين الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ونشر الابتكارات على مستوى التكنولوجيات والمؤسسات الصحية، وتوزيع المساعدات الدولية.
وخلال الخمسينيات والستينيات، كانت السيدة تلد خمسة أطفال تقريبا في المتوسط خلال الأعوام الإنجابية من حياتها. أما في الوقت الحالي، فالسيدة العادية تنجب أقل من 2.5 طفل تقريبا. ومن المفترض أن يعكس ذلك ازدياد تكلفة تنشئة الأطفال "بما في ذلك تكلفة الفرصة البديلة المتمثلة أساسا في أجور النساء"، وزيادة توافر وسائل منع الحمل الفعالة، وربما أيضا تنامي الشعور بانعدام أمن الدخل. ونتجت عن هذا التراجع في معدل الخصوبة انعكاسات اجتماعية واقتصادية مهمة للغاية. فقد ساعد انخفاض معدل الخصوبة على رفع أعباء الحمل وتنشئة الأطفال عن كاهل عديد من النساء، إلى جانب مزايا أخرى. وأسهم أيضا في تمكين المرأة داخل أسرتها ومجتمعها المحلي والمجتمع عموما، وسمح لها بالمشاركة بفعالية أكبر في سوق العمل مدفوعة الأجر. وكانت هذه العوامل مجتمعة داعمة لخيار انخفاض معدل الخصوبة.
وخلال الفترة بين 1970 و2020، انخفض معدل الخصوبة في جميع دول العالم. وكان الانخفاض أكبر عادة في الدول التي سجلت مستويات خصوبة أولية مرتفعة، وهو ما يمثل جانبا آخر من جوانب التقارب الديموغرافي. وفيما بين المناطق الجغرافية، تسجل إفريقيا وأوروبا حاليا أعلى 4,3 "وأقل" 1,6 "معدل خصوبة، على الترتيب".
وإذا كان للمرأة في العمر الأمثل للحمل وزن كاف في الهيكل العمري للسكان، فإن معدل الخصوبة قدره 2,1 يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدل النمو السكاني على المديين القصير والمتوسط؛ نظرا لأن معدل خصوبة المرأة المنخفض يوازنه؛ بل يتجاوزه، عدد النساء اللاتي يرزقن بأطفال.
وتعرف هذه السمة الديناميكية السكانية باسم الزخم السكاني، وهي تساعد "إلى جانب الهجرة" على تفسير الأسباب وراء النمو السكاني في 69 بلدا وإقليما رغم أن معدلات الخصوبة فيها تقل عن 2.1. كذلك تعد الهجرة بين الدول من العوامل المؤثرة في النمو السكاني. ولهذه الآثار أهمية كبيرة في بعض الدول، مثل غيانا وساموا وتونجا، حيث ازدادت الهجرة الصافية إلى الخارج بدرجة كبيرة خلال الـ 30 عاما الماضية. وسجلت البحرين والإمارات أعلى معدلات الهجرة الصافية إلى الداخل. ومن بين دول القوى العظمى العشر الأكثر كثافة سكانية، توجد النسبة الأكبر نسبيا من المهاجرين في الولايات المتحدة "15 في المائة عام 2019". غير أن الهجرة الدولية ليست من القوى الديموغرافية المؤثرة في معظم الدول؛ وذلك لأن 96 في المائة من سكان العالم يعيشون حاليا في الدول التي ولدوا فيها... يتبع.