Author

هل ما حدث لأسواق النفط حالة أمريكية خاصة؟

|
مختص في شؤون الطاقة
الأسبوع الماضي لم يكن أسبوعا عاديا البتة على أسواق النفط، بل كان أسبوعا استثنائيا بما تعنيه الكلمة، لا يقل استثنائية عن الأوضاع التي يمر بها العالم. أحترم جميع وجهات النظر وتحليلات الآخرين حول أوضاع أسواق النفط، والنفط الأمريكي خصوصا، أتفق مع بعضها وأختلف مع البعض الآخر، وكما قيل: "الاختلاف لا يفسد للود قضية". هبطت أسعار عقود الخام الأمريكي تسليم "مايو" يوم الثلاثاء الماضي إلى ما دون الصفر، حيث سجلت نحو –37 دولارا تقريبا، كسابقة تاريخية لم تحدث من قبل، وفي اعتقادي لم يكن ليتوقعها أشد المتشائمين، فضلا عن المفرطين في التفاؤل. في رأيي أن وصول الأسعار إلى هذا المستوى بسبب المضاربين الذين قاموا بشراء كميات كبيرة من النفط عقب اجتماع «أوبك+» متوقعين ارتفاع أسعارها قبل نهاية تداول عقود الخام الأمريكي تسليم "مايو" التي خالفت توقعاتهم، في رأيي أن وصولها إلى هذه الأسعار، إشارة إلى مشكلة أعمق بكثير من المضاربة ومن تأثيرها في الأسعار. المشكلة هي مشكلة أساسية من تخمة نفطية حد التشبع امتلأت بسببها الخزانات والناقلات ومصافي التكرير، يقابلها انخفاض كبير في الطلب على النفط الخام، بسبب جائحة كورونا وآثارها العنيفة في الاقتصاد العالمي الذي لم يكن في أفضل حالاته قبيل الجائحة. أسعار عقود الخام الأمريكي تسليم "يونيو" عادت وارتفعت ارتفاعا تاريخيا من أقل سعر وصلت له وهو –37 دولارا تقريبا إلى 17 دولارا وقت كتابة هذا المقال، فهل هذا الارتفاع كاف؟ وهل هذا السعر مجد؟ هذا يقودنا إلى حقيقة أن أساس المشكلة وفرة المعروض وشح الطلب، وما حدث للخام الأمريكي، بسبب المضاربة، هو مؤشر إلى هذه المشكلة التي ستعانيها صناعة النفط الأمريكية، وشركات النفط الصخري الأمريكي والتقليدي على حد سواء. بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وصلت مخزونات النفط الخام التجارية في الولايات المتحدة إلى 518.6 مليون برميل في الأسبوع، والجدير بالذكر، أن السعة التخزينية هي 599.6 مليون برميل تشمل السعة التخزينية التجارية، إضافة إلى السعة المملوكة لإدارة الطاقة الأمريكية. هناك معلومات تشير إلى أن هناك نحو 80 ناقلة بحرية عملاقة تحمل على ظهرها نحو 148 مليون برميل من النفط، من المتوقع أن تمتلئ السعة التخزينية خلال أسابيع قليلة إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فهل ما حدث لأسواق النفط حالة أمريكية خاصة؟ ما حدث في رأيي، رسالة واضحة لأسواق النفط جميعها بغض النظر عن جزئية المضاربة التي لم تدم يومين، هي رسالة واضحة وتحذيرية أن التخمة النفطية بلغت ذروتها مقابل شح في الطلب العالمي على النفط، بسبب جائحة كورونا التي زادت الطين بلة، رسالة لشركات النفط الأمريكية لتتعاون مع المنتجين الآخرين لوقف هذا النزيف، وعدم إلقاء المسؤولية كاملة على أعضاء تحالف «أوبك+». رسالة للمنتجين جميهم أن السوق تحتاج إلى مزيد من خفض الإنتاج لا يقل من وجهة نظر شخصية عن عشرة ملايين برميل يوميا. خام برنت القياسي المسؤول عن تسعير نحو ثلثي النفط الخام في العالم وصل سعره إلى نحو 21 دولارا للبرميل، وأتوقع أنه معرض لمزيد من الانخفاض في حال بقي الوضع على ما هو عليه حاليا.
إنشرها