Author

أزمة عالمية تستدعي استجابة منقطعة النظير «1من 2»

|

مدير عام صندوق النقد الدولي

ذكرت مرارا في الآونة الأخيرة أن هذه أزمة منقطعة النظير، فهي:
- أكثر تعقيدا، ومقترنة بصدمات مترابطة لصحتنا العامة واقتصاداتنا أدت بنمط حياتنا إلى حالة أشبه بالتوقف التام.
- يحيط بها قدر أكبر من عدم اليقين، لأننا لا ندرك إلا تدريجيا فقط كيفية التعامل مع هذا الفيروس الجديد، واحتوائه على النحو الأكثر فاعلية، واستئناف النشاط في اقتصاداتنا.
- إنها حقا أزمة عالمية. فالجوائح لا تبالي بالحدود بين الدول، ولا ما تسببه من صدمات اقتصادية.
إن آفاق الاقتصاد بالغة الخطورة. ونتوقع تراجع النشاط الاقتصادي العالمي بدرجة لم نشهدها منذ أعوام الكساد الكبير.
فستنخفض معدلات نمو دخل الفرد هذا العام في 170 بلدا، وكنا نتوقع منذ بضعة شهور فقط أن يسجل 160 اقتصادا معدلات نمو موجبة لدخل الفرد.
وفي ظل الإجراءات المتخذة في هذه الأوقات الاستثنائية تستدعي اتخاذ إجراءات استثنائية. فمن عدة أوجه، كانت هناك استجابات منقطعة النظير من الدول الأعضاء في "الصندوق".
واتخذت الحكومات في جميع أنحاء العالم إجراءات غير مسبوقة لمكافحة الجائحة بغية إنقاذ الأرواح، وحماية مجتمعاتها واقتصاداتها. فقد بلغت قيمة التدابير المتخذة على مستوى المالية العامة حتى الآن نحو ثمانية تريليونات دولار وقامت البنوك المركزية بتنفيذ عمليات ضخ للسيولة بقدر هائل "وفي بعض الحالات، بلا حدود".
ومن جانبنا، توجد لدى "الصندوق" طاقة إقراض قدرها تريليون دولار أكثر من أربعة أضعاف ما كان متوافرا في بداية الأزمة المالية العالمية، ويضعها في خدمة دوله الأعضاء البالغ عددها 189 بلدا. وإذ ندرك السمات المميزة لهذه الأزمة من حيث طابعها العالمي والمتسارع الذي يعلي قيمة وأثر اتخاذ الإجراءات المبكرة بدرجة أكبر بكثير، فقد حرصنا على تعظيم طاقتنا لتوفير الموارد المالية سريعا، خاصة للدول الأعضاء ذات الدخل المنخفض.
وفي هذا الصدد، عززنا ترسانة أدواتنا واتخذنا تدابير استثنائية في غضون هذين الشهرين فقط.
ومن هذه الإجراءات، ما يلي:
- مضاعفة طاقة "الصندوق" للتمويل الطارئ القائم على الصرف السريع لتلبية الطلب المتوقع البالغ قرابة 100 مليار دولار. وقد لجأ إلينا 103 بلاد للحصول على التمويل الطارئ، وبنهاية الشهر الجاري سيكون المجلس التنفيذي قد انتهى من النظر في نحو نصف هذا العدد من الطلبات.
- إصلاح الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون لمساعدة 29 بلدا من أفقر دولنا الأعضاء وأكثرها تعرضا للمخاطر، منها 23 بلدا في إفريقيا، وذلك من خلال مساعدات عاجلة لتخفيف أعباء خدمة الدين، ونعمل حاليا مع المانحين لزيادة مواردنا لتخفيف أعباء الديون بنحو 1.4 مليار دولار. وبفضل الدعم السخي من المملكة المتحدة واليابان وألمانيا وهولندا وسنغافورة والصين سيكون بوسعنا تقديم مساعدات عاجلة لتخفيف أعباء الديون لأفقر الدول الأعضاء.
- العمل على تنفيذ زيادة ثلاثية الأضعاف في قروضنا بالشروط الميسرة عن طريق الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر إلى الدول الأكثر تعرضا للمخاطر. ونسعى حاليا إلى توفير 17 مليار دولار في هيئة موارد إقراضية جديدة، وفي هذا السياق، أشعر بالتفاؤل إزاء تعهدات اليابان وفرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا، حيث تم التعهد بالتزامات تبلغ في مجموعها 11.7 مليار دولار، ما يحقق لنا نحو 70 في المائة من الموارد اللازمة لتحقيق هدفنا المنشود.
- تأييد تعليق مدفوعات سداد الديون الثنائية الرسمية على أفقر الدول حتى نهاية عام 2020، فيما يعد اتفاقا رائدا بين دول مجموعة العشرين، وتبلغ قيمته 12 مليار دولار وتستفيد منه الدول الأشد احتياجا. وندعو الدائنين من القطاع الخاص إلى المشاركة وفق شروط مماثلة، ما يمكن أن يضيف ثمانية مليارات دولار أخرى من مساعدات تخفيف الأعباء.
- إنشاء خط جديد للسيولة قصيرة الأجل يمكنه مساعدة الدول على تعزيز الاستقرار الاقتصادي وزيادة الثقة.
هذه هي مجموعة الإجراءات التي صادقت عليها اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية الأسبوع الماضي أثناء اجتماعات الربيع المنعقدة عبر الإنترنت.
وهي تمثل استجابة قوية على مستوى السياسات. والأهم من ذلك أنها تمكن "الصندوق" من الحصول في التو واللحظة على الدعم الفوري للدول والناس ممن هم في حاجة ماسة إليه. اليوم وليس غدا... يتبع.
إنشرها