Author

إجراءات في أزمة لم يسبق لها مثيل

|

يشهد العالم حاليا تحديات لم يسبق لها مثيل من جراء جائحة كورونا "كوفيد - 19"، الذي يمكن أن يمحو المكاسب الإنمائية لعديد من الدول. فقد أثرت الجائحة تأثيرا بالغا في رأس المال البشري، بما في ذلك الأرواح، والتعلم، والرفاهية الأساسية، والإنتاجية المستقبلية. كما أدت الأزمة إلى تضييق شروط التمويل الخارجي للدول على اختلاف مستويات دخلها، وتعطيل التجارة، وسلاسل الإمداد، وتدفقات الاستثمار.
ويعد التعاون متعدد الأطراف ضروريا لاحتواء هذه الجائحة والتخفيف من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
كانت هذه هي الرسائل الرئيسة التي وجهتها لجنة التنمية، وهي منتدى وزاري لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين في بيان صدر أخيرا في ختام اجتماعات الربيع للمؤسستين التي عقدت عبر شبكة الإنترنت لأول مرة في تاريخها.
وتقول لجنة التنمية، التي تمثل 189 بلدا عضوا، إن مجموعة البنك الدولي في وضع فريد يمكنها من معالجة هذه القضايا المعقدة والقيام بدور رائد في هذه الاستجابة من خلال ما تقدمه من قروض واستثمارات ومعارف، وقدرتها على الجمع بين مختلف الأطراف. وتتطلب الجائحة اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة وخطوات مبتكرة، ولذا فإن اللجنة حثت مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين على الاستمرار في مساعدة كل الدول المتعاملة معهما بالاشتراك مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والشركاء الثنائيين.
وهناك ملاحظات ذكرت أمام لجنة التنمية، على أنه "إذا لم نسارع إلى تقوية أنظمتنا وقدرتنا على التكيف، فستضيع بسهولة مكاسب التنمية التي تحققت في الأعوام الأخيرة". وأضاف أنه في حين يشعر بآثار هذه الجائحة الجميع في أنحاء العالم، "فإن الدول والناس الأكثر فقرا وتضررا سيكونون على الأرجح الأشد تضررا".
كما أن الحاجة مطلوبة لاتخاذ تدابير سريعة وواسعة النطاق، مضيفا أن لدى مجموعة البنك برامج قيد التنفيذ لمكافحة فيروس كورونا في 64 بلدا ناميا حاليا ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 100 بلد بنهاية نيسان (أبريل) الحالي. وحدد مالباس ثلاثة أهداف رئيسة للجهود المنسقة فيما بين البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار: حماية الأسر الأكثر فقرا والأولى بالرعاية، ومساندة منشآت الأعمال وإنقاذ الوظائف، ومساعدة الدول النامية على تنفيذ مشاريع صحية طارئة وتقوية صمودها الاقتصادي.
وأشارت لجنة التنمية إلى أن الدعم القوي المقدم من الدول الأعضاء قد وضع مجموعة البنك في وضع أفضل لمساعدة الدول على التصدي للجائحة. وقال مالباس: "من خلال الموارد القائمة، التي سيجري استغلالها استغلالا كاملا والتعجيل بصرفها، يمكننا تقديم تمويل قيمته 160 مليار دولار على مدى الـ15 شهرا المقبلة". وأضاف قوله إن هذا المبلغ يشمل 50 مليار دولار من خلال منح واعتمادات على درجة عالية من التيسير من المؤسسة الدولية للتنمية، ذراع مجموعة البنك الدولي لمساعدة الدول الأشد فقرا في العالم.
يذكر أنه أخيرا شهد أيضا إعلان من جانب وزراء مالية مجموعة العشرين أن الدائنين الثنائيين الرسميين سيسمحون من أول أيار (مايو) بتعليق سداد مدفوعات خدمة الديون المستحقة على الدول المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية التي تطلب هذا السماح. وتحظى هذه التدابير بدعم من مجموعة البنك والصندوق، وإن ذلك يشكل مبادرة قوية وسريعة المفعول من شأنها تحقيق منافع حقيقية للفقراء". ودعت اللجنة الدائنين من القطاع الخاص إلى المشاركة في هذه المبادرة بشروط مماثلة. كما طلبوا من مجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين مراجعة تحديات المديونية التي تواجهها الدول متوسطة الدخل، وبحث مجموعة متنوعة من الحلول للضائقة المالية وضغوط الديون في تلك الدول على أساس كل حالة على حدة. وقد أكد مالباس واللجنة ضرورة أن تعزز الجهود المبذولة شفافية الديون لدى الدول النامية. وتعكس التدابير الجاري اتخاذها حجم التحديات الناشئة عن تفشي فيروس كورونا "كوفيد - 19" التي قال عنها مالباس واللجنة إنها "أزمة منقطعة النظير، يشعر بآثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية المدمرة القاصي والداني في شتى أرجاء العالم". وأعرب مالباس واللجنة عن تعاطفهما مع الخسائر البشرية ودعمهما لمن هم في الخطوط الأمامية لمواجهة هذه الجائحة. كما شددت واللجنة على أنه بالتحرك الآن يمكن لمجموعة البنك أن تساعد الدول على اختصار الوقت اللازم للتعافي وإرساء أسس تحقيق النمو وتحسين مستويات المعيشة للجميع.
والأهم من ذلك كله أن الاستجابة العاجلة للتصدي لجائحة كورونا تعكس الالتزام طويل الأجل لمجموعة البنك بمساعدة جميع الدول المتعاملة معها على الحد من الفقر، وتعزيز الرخاء الذي يتشارك الجميع ثماره، وتحقيق أهدافه الإنمائية. وقالت اللجنة إنه "لا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا من خلال إعادة البناء وإيجاد ما هو أقوى وأفضل".

إنشرها