يوجد في المملكة عديد من الأشجار المحلية التي كان لها دور كبير في حياة الناس، ومن ذلك أشجار الأثل بأنواعها المختلفة، إذ يوجد لدينا في المملكة خمسة أنواع منها تنمو في جميع المناطق الجغرافية النباتية. وتمتاز هذه الأشجار التي يصل ارتفاعها إلى 15 مترا بقدرتها الفائقة على مقاومة العطش والملوحة وسفي الرمال والرياح والجفاف. وتعد من الأشجار المعمرة إذ تعيش مئات الأعوام في تأقلم تام مع الظروف الصحراوية القاسية خاصة الجفاف، إذ يمكنها أن تسعى إلى اللحاق بالماء على عمق يصل إلى أكثر من 60 مترا. تزريعها سهل للغاية ولا تستهلك المياه الجوفية، وقلما تجد مدينة أو قرية في المملكة إلا ولها نصيب من زراعة هذه الأشجار. وأذكر في القرية التي نشأت فيها في الصمان أن أشجار الأثل كانت تحيط بها من جميع الجهات، خاصة الجهتين الشمالية والجنوبية، فكانت مصدات للرياح والرمال ومأوى للطيور المهاجرة وظلا للدواب، خاصة أوقات الصيف شديدة الحرارة وكان للقيلولة تحتها مع الاستمتاع بحفيف الأثل متعة لا يعادلها متعة! الأثل يمكن الاستفادة من كل أجزائه اقتصاديا، فأخشابه تستخدم وقودا ولصنع الفحم وصنع الأثاث بمختلف أنواعه، ويعد خشب الأثل من أقوى الأخشاب في العالم وأجودها.. ثماره التي تسمى بالكرمع تحتوي على مركبات عفصية – تانينات - ولها تأثير قابض وتستخدم لأغراض الدباغة المختلفة، وطبيا تستخدم منذ القدم لعلاج الإسهال والأمراض الجلدية وللحروق ولعلاج اللثة الملتهبة.. على حين يستخدم هدب الأثل شعبيا لعلاج الالتهابات ويسمى بالكبو وتجده يباع في أكياس مغلقة لدى البائعات في الأسواق الشعبية في بعض مدن المملكة.. وهناك عسل يسمى بعسل الأثل حيث يتغذى النحل على رحيق أزهار الأثل وله استخدامات غذائية وطبية متنوعة.. كما يشتهر عند العامة سائل سكري يستخرج من الأغصان وله هو الآخر استخدامات كثيرة.. ومن هنا فإننا نناشد الجهات كافة ذات العلاقة بالاهتمام بزراعة هذه الأشجار على أوسع نطاق، خصوصا أنها صالحة للزراعة في مختلف أنواع التربة وفي جميع المناطق فكما أنه يمكن استزراعها في المناطق الرملية وضفاف الأودية، فهي أيضا مناسبة للاستزراع في المناطق القريبة من البحر، حيث تعد من أكثر الأشجار تحملا للملوحة كما أنها من أقل الأشجار في تكلفة الصيانة ومناسبة جدا للاستخدام في المساحات الخارجية الواسعة ومثبتة للضفاف والمنحدرات ويمكنها القيام بدور مهم في تعزيز النظام البيئي، فضلا عن كونها مصدرا اقتصاديا مهما.