Author

النظم الاقتصادية في أزمة «كوفيد - 19»

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

 القاسم المشترك بين الدول شرق الكرة الأرضية وغربها؛ أن فيروس كورونا انتشر في جميع تلك الاقتصاديات بداية من الصين حتى الولايات المتحدة، مرورا بالشرق الأوسط وإفريقيا والدول الأوروبية، وأحدث خسائر اقتصادية وبشرية دون استثناء - إلا أن درجة وشدة الآثار تفاوتت بين دول وأخرى. سؤال اليوم، لماذا دول الشرق لم تتأثر اقتصاديا واجتماعيا كما تأثرت دول أوروبا والولايات المتحدة؟ أعتقد أنه ليس سؤالا سهلا، ولا سيما أن الخسائر التي قدرها الخبراء حتى كتابة مقال اليوم، تقدر بستة تريليونات دولار، وترشيحات مراكز الأبحاث تشير إلى صعوبة تقدير خسائر العالم الاقتصادية في الوقت الراهن، ولا تزال الدراسات والمراكز المتخصصة تقيم الوضع في ظل حجم خسائر ضخمة، أما البيئة فكانت أكبر الرابحين من أزمة كورونا على المستوى العالمي.

إن النزعة الاقتصادية النيوليبرالية في أوروبا والولايات المتحدة، دخلت في نظم الدول الاشتراكية كالصين، ويعزى ذلك إلى قوة الولايات المتحدة وهيمنتها على التجارة العالمية. لذا، منذ الثمانينيات الميلادية، اعتنق الصينيون كثيرا من أدوات الاقتصاد الأمريكي، وحققوا مكاسب ضخمة على المستوى الاقتصادي، إلا أنهم اعتمدوا على قوة الدولة في تشغيل الشركات عبر ما يعرف بالشركات الحكومية state owned enterprise، وحققت نجاحات استثنائية، ولا سيما أنها شركات مملوكة للهيئات والبلديات الحكومية أو مملوكة بشكل مشترك بين الحكومة الصينية والمستثمر الأجنبي أو المستثمر الصيني، إلا أن السيطرة الحكومية تأتي نموذجا مبتكرا إلى حد ما؛ لأنه يعمل وفق أسس تجارية، لكن بملكية حكومية أو على الأقل سيطرة أغلبية حكومية.
كما أن المؤسسات السيادية كالصحة والتعليم، يتم التعامل معها وفق سيادة القطاع الحكومي مع مشاركة غير كاملة من مؤسسات القطاع الخاص، سواء من المستثمرين المواطنين أو الأجانب، إلا أن الشركات الحكومية هي المسيطرة وفق أساليب وطرق مختلفة.
أما الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، فإن مشاركة الدولة لا تتعدى مسائل التنظيم في الصورة العامة، ويقوم القطاع الاستثماري بالسيطرة شبه الكاملة على الاقتصاد والمجتمع.
كان اعتماد الصينيين على الحكومة والقطاع الخاص مشتركا، أما الأوروبيين والأمريكيين فكان اعتمادهم على أسس وقواعد النيوليبرالية، التي جعلت الحكومات في موقف المنظم  فقط، والقطاع الاستثماري هو المسيطر على الاقتصاد والبلاد عموما، مع تجاهل قطاع الأسر من حيث تأثيره في النظام الاقتصاد كمكون مؤثر بدرجة مقاربة للمستثمرين.  
أظهرت لنا أزمة فيروس كورونا الاقتصادية والاجتماعية؛ مدى هشاشة النموذج الغربي، في مقابل أن النموذج الشرقي أظهر صلابة وتماسكا اقتصاديا واجتماعيا؛ لأنه جمع بين الأداء الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وفق سياق عالمي، وحقق توازنا بين قيمة الإنسان والاقتصاد.
توقعي الشخصي، دول الشرق ستكسب معركة كورونا ومعركة الاقتصاد؛ ويعزى ذلك إلى النظم الاقتصادية التي في الشرق، والسعودية ودول الخليج ضمن الدول التي ستكسب المعركتين - بإذن الله.           

إنشرها