التنفس عملية لا إرادية يقوم بها كل كائن حي. الإنسان البالغ يتنفس في اليوم ما معدله 23 ألف مرة، وبالتالي انظر كم مرة في العام؟ وكم مرة في العمر؟ وفي القرآن الكريم نقرأ قول الحق سبحانه، "والصبح إذا تنفس". ففي الصباح يتنفس الكون بأكمله وتشعر أن كل شيء حولك يريد أن ينطلق وفق سنن كونية خارقة، فتبدأ حركة الكائنات الحية خاصة الطيور وكأنها تقول خذ نفسا وانطلق إلى كسب رزقك.. ما نحن بصدده في هذا المقال هو هل نحن نتنفس بصورة صحيحة أم لا؟ أكاد أجزم أن الأغلبية العظمى من الناس تتنفس بطريقة تقليدية اعتيادية، بمعنى يستنشق الشخص كمية قليلة من الهواء ويخرج كمية قليلة من الهواء بشكل مستمر، وهذا المستوى من التنفس حسب الدراسات العلمية الموثقة لا يشكل سوى 25 في المائة فقط من السعة الفعلية للرئتين، بمعنى أن 75 في المائة من القدرة الاستيعابية للرئتين شبه معطلة ولا يستفاد منها، وبالتالي لا تنعكس على حياة الإنسان وصحته وبريق أسراره وإشراقة محياه.. صحيح أن التنفس البسيط أو السطحي يبقي الإنسان حيا، ولكنه يحرمه من عنصر الطاقة الأكثر أهمية في حياته. ويتضح تأثير عدم التنفس الصحيح وعدم الاستفادة المثلى من الرئتين عند تقدم العمر، وليس ذلك في مظهر الإنسان الخارجي، فحسب بل في مختلف قدرات جسمه وإمكانية مقاومته للأمراض.. إن الرئتين والأوعية الدموية تقع عليهما مسؤولية توصيل الأكسجين للجسم وإزالة ثاني أكسيد الكربون منه في عملية تبادل الغازات التي تعد جزءا من عملية التنفس. إن تحسين طريقة التنفس وتعويد النفس عليها لتحقق فوائد صحية أكثر من أن تحصى، ومنها تجديد الطاقة الداخلية للجسم والقدرة على ضبط النفس والتصرف بحكمة في المواقف المختلفة وإعطاء نضارة للوجه وإبقاؤه مشرقا، حتى في مرحلة الشيخوخة فضلا عن تحسين الصوت والنطق لدى الإنسان. طريقة التنفس الصحيح تتم بأن يستنشق الإنسان الهواء بعمق وببطء حتى امتلاء القفص الصدري مع إبقاء الفم مغلقا، ومن ثم حبس التنفس لعدة ثوان ثم إخراج هواء الزفير ببطء وتكرار ذلك، حتى يتم التعود عليه وممارسة ذلك طوال اليوم أثناء العمل وعند المشي وقبل النوم وفي كل وقت، وسيلاحظ الشخص بعد فترة من تطبيق التنفس الصحيح أن ذلك قد انعكس ليس على قوته الجسمية فحسب، بل حتى على قدراته العقلية والتجربة خير برهان!