روسيا تبدي استعدادها لخفض إنتاجها 1.6 مليون برميل يوميا .. والخام الأمريكي يقفز 11 %
قفزت أسعار النفط، أمس، وسط تفاؤل في الأسواق بشأن التوصل الى توافق بين دول «أوبك +» على تخفيضات إنتاجية كبيرة خلال اجتماعهم المزمع عقده اليوم ، والذي دعت إليه السعودية؛ أكبر مصدر للنفط في العالم.
وسجل الخام الأمريكي ارتفاعا نسبته 11 في المائة خلال التداولات، فيما صعد خام برنت 5 في المائة بعد إعلان مسؤول في وزارة الطاقة الروسية، أمس، أن بلاده مستعدة لخفض إنتاجها النفطي بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا.
وأفادت متحدثة باسم الوزارة، أن موسكو مستعدة للمشاركة في اتفاق لخفض الإنتاج بين أكبر منتجي النفط الذين يشكلون ما يعرف بمجموعة «أوبك+» بما يتماشى مع حصتها في إنتاج الخام للدول التي يشملها الاتفاق، ويبلغ إنتاج النفط الروسي حاليا نحو 11.29مليون برميل يوميا.
وبحسب «رويترز»، أغلقت عقود «برنت» مرتفعة 97 سنتا، أو 3.04 في المائة، عند 32.84 دولار للبرميل، بينما سجلت العقود الآجلة للنفط الأمريكي عند التسوية 25.09 دولار للبرميل، مرتفعة 1.46 دولار أو 6.2 في المائة.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يكون اجتماع من المقرر عقده عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، اليوم، بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها بمن فيهم روسيا، أكثر نجاحا من اجتماع عقد في أوائل آذار (مارس)، لكن المخاوف تظل موجودة بشأن دور الولايات المتحدة في أي تخفيضات للإنتاج.
وقال كيم كوانج-راي؛ محلل السلع الأولية لدى "سامسونج فيوتشرز" في سيئول "هناك متابعة من كثب لما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى أي تخفيضات للإنتاج، مع استمرار تركيز الأسواق على اجتماع "أوبك".. أسعار النفط متقلبة، إذ إن السوق في وضع الانتظار والترقب".
ومن المرجح أن تتفق «أوبك» وروسيا، المجموعة المعروفة باسم «أوبك+»، على خفض الإنتاج، لكن ذلك الاتفاق قد يتوقف على إذا ما كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى التخفيضات.
وأفادت وزارة الطاقة الأمريكية بأن الإنتاج الأمريكي ينخفض بالفعل دون تدخل من جانب الحكومة، مضيفة أنه "من المتوقع انخفاض إنتاج الخام الأمريكي 470 ألف برميل يوميا وهبوط الطلب بنحو 1.3 مليون برميل يوميا في 2020"، وذكرت "إيه.إن.زد" للأبحاث في مذكرة أن "السعودية وروسيا ستواصلان إبرام اتفاق.. الواضح هو أنه يجب أن تشارك الولايات المتحدة".
ويذهب أغلب التوقعات إلى توافق المنتجين على إجراء تخفيضات إنتاجية مؤثرة يمكن أن تدعم الأسعار وتسهم في علاج الخلل بين وفرة العرض وضعف الطلب، ما أدى إلى نمو قياسي في مستوى المخزونات النفطية، وهدد استمرارية عديد من الشركات خاصة من أصحاب التكلفة المرتفعة، تحديدا من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
ويقول لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن السوق تتطلع إلى الدورين السعودي والروسي في إبرام اتفاق جديد يعطي دفعة إيجابية للسوق من خلال التوصل إلى تسوية إنتاجية من شأنها أن تجلب بعض الاستقرار إلى سوق النفط التي عانت كثيرا في الأسابيع الماضية الضغوط الهبوطية وحالة السقوط الحر للأسعار إلى مستويات قياسية لم يشهدها تاريخ سوق النفط.
وأشار المحللون إلى أن اجتماع اليوم "عبر الفيديو" بين كبار المنتجين قد يستغرق وقتا، لكنه يمكن في الختام أن يقدم كثيرا لجهود انتشال صناعة النفط من أزمتها الراهنة المتفاقمة مع اتساع الإصابات والانتشار الواسع لوباء فيروس كورونا في جميع دول العالم.
وفي هذا الإطار، أوضح جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، أن جميع المنتجين على وعي بحجم التحديات ولديهم رغبة قوية في العمل المشترك لإنقاذ الصناعة من هذه الأزمة، فقد أدرك الجميع أن قضية العرض الزائد للنفط ليست في مصلحة أحد ولها تداعيات واسعة على الاقتصاد العالمي، خاصة مع استنفاد أغلب الطاقات التخزينية واللجوء إلى الناقلات النفطية كمستودعات لتخزين الخام في البحر.
وذكر جيراس؛ أن هناك محيطا مليئا بالنفط العائم في ناقلات النفط التي تنتظر التفريغ في أغلب موانئ العالم بعدما أصبحت سوق النفط محاصرة وتبحث عن أخبار جيدة تجدد الآمال في التعافي وانتعاش الطلب مجددا، عادا قطاع النفط الصخري الأمريكي ربما يتحمل حاليا الفاتورة الأكثر تكلفة في ضوء أنباء عن زيادة حالات الإفلاس وتوقف أنشطة الحفر وإغلاق الآبار.
من جانبها، ترى الدكتورة ناجندا كومندانتوفا؛ كبيرة محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن توقعات فائض الإمدادات العالمية ستتسع على نحو موجع للسوق في الربع الثاني جراء رفع جميع القيود على الإنتاج واتجاه السعودية إلى مستوى 12 مليون برميل يوميا وروسيا نحو 11 مليون برميل يوميا، فيما وصل الإنتاج الأمريكي بالفعل إلى مستوى 13 مليون برميل يوميا.
من هنا - وفقا لناجندا - تتضح أهمية مفاوضات المنتجين الجديدة التي تبدأ اليوم لإيجاد توافق للسيطرة على وفرة الإمدادات وحماية السوق العالمية من ربع سنوي قد يكون من أصعب الفترات على السوق نتيجة تسارع الإنتاج وضعف الطلب، ما قد يهوي بالأسعار إلى مستويات قياسية في التدني، لافتة إلى أن الآمال كبيرة بشأن التوصل إلى تخفيض جماعي بما يصل من عشرة إلى 15 مليون برميل يوميا مع احتمال انضمام المنتجين الأمريكيين، لتعزيز فرص نجاح الصفقة المرتقبة.
من ناحيته، يعتقد ديفيد لديسما؛ المحلل في شركة ساوث كورت الدولية، أن الأسعار انتعشت نسبيا في الأيام الماضية بسبب التفاؤل المحيط باجتماعات المنتجين، مشيرا إلى أن بعض المؤشرات منح الراحة للسوق وخفف من مخاوف تخمة المعروض، ولعل أبرزها تسجيل تراجعات مؤثرة في مستويات إنتاج النفط الصخري الأمريكي.
وذكر لديسما، أن البعض رأى بعد تعثر اجتماع «أوبك+» خلال مارس الماضي أن التخفيضات التالية قد لا تكون مؤثرة، وستحصد الفوائد منها الشركات الأعلى في التكلفة ومن ثم جاء التحول في استراتيجيات الإنتاج نحو زيادة المعروض مهما كلف السوق من ضغوط هبوطية بهدف الضغط على الشركات الأضعف وسد المنافذ أمامها لتحقيق أي نوع من الإيرادات ومن ثم الخروج من المنافسة وانخفاض المعروض بشكل تلقائي.
بدوره، يقول ردولف هوبر ؛الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود بين كبار المنتجين"، مشددا على أنه في حال التوصل إلى اتفاق جديد في اجتماع «أوبك+» من الضروري التوافق جيدا على التفاصيل الخاصة بتوزيع الحصص الإنتاجية إلى جانب تنبيه الولايات المتحدة إلى ضرورة العدول عن فكرة فرض رسوم استيراد على النفط القادم إلى الولايات المتحدة بهدف التأثير في الأسعار وتسهيل عودة منتجي النفط الصخري الزيتي الأمريكي إلى الحفر والإنتاج بشكل مربح، إلا أنها سترفع تكاليف المصافي الأمريكية وتوجد مزيدا من عدم اليقين لسلاسل التوريد العالمية، ومن المحتمل أن تؤدي إلى زيادة الأسعار للمستهلكين.