default Author

حرب اللقاحات

|

 منذ أن خرج ما يعد أعظم اكتشاف مر على البشرية "اللقاح أو التطعيم"، وهو يحارب من قبل المعارضين، سواء كانوا عامة أو مختصين وفي شتى بقاع الأرض ومن مختلف الأطياف، خصوصا بعد أن أصبح إلزاميا!

قبل نحو 300 عام كانت هناك طائفة غامضة تدعى "البراهمانز" تتجول في سهول جانجيتك الهندية، لتروج لممارسة غريبة تدعى "تيكا". كانت تأخذ السائل من بثور الجدري الناضجة ثم تضعها على جلد شخص آخر وتغطى بالقماش، فيكتسب الشخص مناعة ضد المرض، يعتقد أن ممارسي الـ"تيكا" تعلموها من الأطباء العرب الذين تعلموها من الصينيين. في وقت مبكر من عام 1100، أدرك المعالجون الطبيون في الصين، أن أولئك الذين نجوا من الجدري لم يصابوا بالمرض مرة أخرى، لذا تم تجنيد الناجين من المرض لرعاية الضحايا الجدد، واستنتجوا أن تعرض الجسم لمرض ما يحميه من الحالات المستقبلية لهذا المرض. كان الأطباء الصينيون يطحنون قشور الجدري ويحولونها إلى مسحوق ينفخونه في فتحة أنف الأشخاص الأصحاء لحمايتهم، لتكون هذه أولى بدايات اللقاحات ضد الأمراض المعدية التي أسهمت في إنقاذ البشرية من الهلاك واختفائهم من على وجه الأرض بسبب الأمراض التي تفتك بهم!
في السودان، كانت النساء تشتري الجدري، وتساوم الأمهات على بثوره الناضجة، لتحمي أطفالها من الموت المحقق، ولم تكن النساء الأجنبيات بعيدات عن الساحة، فغريزة الأم للدفاع عن صغارها موجودة في كل المخلوقات، ففي عام 1715، أصيبت ماري ورتلي مونتاجو زوجة السفير البريطاني في القسطنطينية بالجدري تاركة بشرتها المثالية مليئة بالندوب. قامت ماري بنقل ما شاهدته من تلقيح الوريد بقشور الجدري من قبل أهالي الريف التركي إلى بلادها إنجلترا، ليظهر أول لقاح للجدري ويعم العالم!
ونتيجة وجود المعارضين والمحاربين للقاحات، انخفضت معدلات التطعيم في بعض الدول، ما أدى إلى تفشي الأمراض وزيادة معدل الوفيات الناجمة عن أمراض الطفولة، وعودة بعض الأمراض المعدية للساحة أكثر شراسة، آخر تلك الحروب ضد التطعيم ما ادعاه أندرو ويكفيلد عام 1998 عن ارتباط لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية بإصابة الأطفال بمرض التوحد بعد بحث أجراه على 12 طفلا فقط، وعد ما قام به أكبر الخدع الطبية ضررا منذ 100 عام لما عملته من بلبلة وزعزعت الثقة بالتطعيم لأعوام، وبعد المتابعة نفت اللجان العلمية ما ادعاه جملة وتفصيلا.
وعلى مر الأعوام تظهر الأدلة المحيطة بمسألة التطعيم أن المعاناة والموت من الأمراض المعدية تفوق أي آثار ضارة ناتجة عن تعاطيه إن وجدت، لذلك ترى الآمال اليوم معلقة، وحياة البشر رهينة إيجاد لقاح لمرض كورونا المستجد!           

إنشرها