Author

صناعة الأقنعة .. والمنفعة بالوباء

|

يجري الحديث منذ ظهور وباء كورونا المستجد وتفشيه حول العالم، عن القطاعات والجهات المتضررة من هذا الوباء العدواني القاتل، كما يجري حديث آخر عن القطاعات أو المجالات التي حققت "منفعة" بسبب هذا الوباء. فكما في مراحل الازدهار هناك فرص كثيرة، كذلك في وقت الأزمات تكون هناك فرص في ميادين مختلفة. حدث ذلك خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008، والأزمات الاقتصادية الكبرى التي شهدها القرن الماضي. وفي المستقبل ستكون القضية هي نفسها، بكل معاييرها وخطواتها ومجالاتها. صحيح أن الأضرار عادة في الأزمات تفوق المنافع، لكن الصحيح أيضا، أن هناك من يحقق ضربات عميقة وجيدة انطلاقا من الحقائق؛ بل لنقل الاحتياجات التي تتركها هذه الأزمة أو تلك على الساحة.

في أزمة تفشي وباء كورونا كان هناك تقدم كبير لشركات تصنيع الدواء، والمعدات الطبية، والأدوات اللازمة لمواجهة هذا الفيروس. وبالطبع تصدرت صناعة الأقنعة الطبية، أو أقنعة الحماية المشهد العام، بعد أن انخرطت مصانع عديدة في الصين إلى جانب مستثمرين كبار، في عملية تصنيع الأقنعة التي باتت مطلوبة بقوة حول العالم. فقد اكتشفت حتى الدول الكبرى الغنية، أنها لا تملك ما يكفي من هذه الأقنعة، مع انتشار كورونا؛ بل بلغ الأمر في بعض الدول حد الفضيحة، خصوصا تلك التي تنفق أموالا هائلة على الرعاية الصحية. وعلى هذا الاساس، زاد الطلب كثيرا على الأقنعة الطبية التي باتت تستخدم من قبل العامة للحماية.
لا غرابة أن يصل مستوى إنتاج الأقنعة أو الكمامات في الصين إلى أكثر من 116 مليون قناع يومي. فحراك التصنيع في هذا المجال، بات الأنشط على الإطلاق على الساحة الصينية، بعد أن أقفلت الحكومة جزءا كبيرا من الاقتصاد الوطني في إطار احتواء ما أمكن من الآثار السلبية التي يتركها الوباء على الساحة بشكل عام. بالطبع نشط حراك تصنيع الأقنعة والقفازات في كثير من الدول، إلا أن الصين تصدرت قائمة هذه الدول، من خلال حجم الذين انضموا إلى هذا الميدان. فقد سجلت السلطات المختصة في هذا البلد 8950 مصنعا هذا العام مختصة بصناعة الأقنعة الواقية. وهي نسبة كبيرة في بلد واحد. وقدرة هذه المصانع الإنتاجية كبيرة للغاية، ولا سيما مع تلقيها طلبات لا تنتهي من الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما.
ومع انتشار كورونا تتوسع دائرة تصنيع الأقنعة الواقية، فضلا عن الأجهزة الأخرى المرتبطة بهذا الوباء القاتل، مثل أجهزة التنفس الصناعي، والقفازات، حتى الأسرّة التي تستخدم في المستشفيات. وغير ذلك من معدات؛ فضلا عن المواد الكيماوية المعقمة التي توسع إنتاجها هي الأخرى بسبب الوباء. بالطبع حققت الشركات المصنعة للأقنعة أرباحا جيدة في الفترة القصيرة الماضية. فبينما كان الربح الناتج من بيع قناع واحد أقل من سنت قبل تفشي كورونا، أصبحت الأرباح تحسب بعد الوباء بعدة سنتات من اليورو. وهذا الربح، دفع أحد العاملين في مصنع لإنتاج الأقنعة إلى القول: يبدو أننا نطبع المال، وذلك في إشارة إلى تكاليف الإنتاج المنخفضة، والربحية الناتجة من البيع والتصدير داخل الصين وخارجها. لا يبدو أن هذه الصناعة ستتعرض للتراجع حتى نهاية العام الجاري، فالطلب على الأقنعة كبير جدا، ويرتفع على مدار الساعة؛ ولا سيما مع تراجع احتمال العثور على لقاح لهذا الفيروس في وقت قريب.           

إنشرها