Author

كيف نجح صانع القرار السعودي؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

 السعودية تقدم نفسها حكومة عالمية رشيقة، وأنا محظوظ بأنني من هذا الجيل، لأقول لكم كيف نجح السعوديون.

أولا: قرارات السعودية سبقت حكومات أوروبا وأمريكا في التعامل مع أزمة "كورونا" بمعدل أربعة أيام عمل، لا تكاد تصدر السعودية قراراتها حتى نشاهد قرارات مماثلة في أمريكا بعد أيام؛ لأن الحكومة الحالية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبإشراف تنفيذي مباشر من ولي العهد محمد بن سلمان، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لهما أثر بالغ وأساسي في اختيار حكومة مرنة وفعالة تتعاطى مع التخطيط الاستراتيجي بتأن وتبصر عميقين ومع المستوى التنفيذي بحماس، عبر أسس متينة لا تعترف بالجهد وإنما بالإنجاز وتحقيق النتائج، هذا الأسلوب صنع قادة حكوميين تنفيذيين جددا نقلوا البلاد إلى مستويات غير مسبوقة في الإدارة الحكومية عالية الأداء، وبإشراف تنفيذي مباشر من ولى العهد.
ثانيا: على مستوى تاريخ تنمية البلاد الاقتصادية، طبق ملوك السعودية عبر التعاقب الملكي في حكم البلاد سياسات عادلة حققت النمو والتنمية الاقتصادية في جميع مناطق المملكة بدعم مباشر وغير مباشر، شكل هذا النهج نموا عمرانيا وحضاريا وثقافيا واقتصاديا لجميع مدن المملكة بشكل لا يصدق، المثير للدهشة وضع بعض المواطنين شركاتهم وعقاراتهم وفنادقهم تحت تصرف الدولة بشكل مجاني؛ لا يمكننا تفسيره إلا لرغبتهم الشديدة في رد الجميل لبلادهم.
ثالثا: الحكومات الفاسدة تكون ضعيفة في الأزمات بسبب ضعف اللياقة التنفيذية؛ لذا وفي وقت سابق، أطلق الملك سلمان يد الأجهزة الرقابية لملاحقة الفسادين الكبير منهم والصغير، وأدرك الملك أن محاربة الفساد بشكل منفرد لن يكون كافيا؛ لذا رافق ذلك تحديث شامل للتشريعات والهيئات التنظيمية الحكومية Regulatory agency، مع تعديلات عميقة للهياكل الإدارية ومعالجة أي تعارض قد يطرأ بين وظائف الأجهزة الحكومية عبر الدمج ثم الحوكمة.
رابعا: تستند السعودية إلى رصيد غير تقليدي من الوعي الاجتماعي الذي يستجيب للقرارات الحكومية بسرعة وترحيب كبيرين؛ ويعزى ذلك إلى ثقة الشعب بقيادته السياسية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين؛ كمان أن تطور المجتمع السعودي المعرفي بدعم قيادته السياسية كان أمرا حاسما وجوهريا، حيث أصبح المجتمع على مستوى عال من التعليم، ولا سيما أن التعليم العالي أصبح ثقافة شعبية؛ بدليل أن المواطن الذي يحمل درجة علمية قد تجده يعمل في نشاطه التجاري البسيط، كما أن ثروة كثير من الأسر لم تكن سببا في تراخي الأبناء عن التعليم العالي، وهذا ما يفسر شغف السعوديين بالعلم، كما أن صانع القرار منح رأس المال البشري في جميع مناطق المملكة نسبا متكافئة من فرص التعليم والعمل؛ لذا حصل في البلاد تجانس تعليمي ومعرفي واقتصادي متكافئ بين أبناء المناطق.
أخيرا، إن اصطفاف الأجهزة التنفيذية لإدارة أزمة فيروس كورونا بكفاءة وسرعة استجابة مؤسسية؛ لم يكن وليد اللحظة وإنما نتيجة لسلامة منهجية إدارة البلاد الاستراتيجية والإصلاح المؤسسي والاستثمار في البشر.           

إنشرها