FINANCIAL TIMES

استراتيجية «تكافؤ المخاطر» متهمة بإثارة الاضطرابات في السوق

استراتيجية «تكافؤ المخاطر» متهمة بإثارة الاضطرابات في السوق

راي داليو، مؤسس شركة بريدجووتر ومبتكر استراتيجية تكافؤ المخاطر.

عندما اضطربت الأسواق المالية في جميع المجالات الأسبوع الماضي، اعتقد بعض المستثمرين والمحللين أنهم عرفوا على مَن يلقون اللوم. كتب أحدهم تغريدة، "تم أخيرا إطلاق العنان لمخاطر استراتيجية تكافؤ المخاطر".
تكافؤ المخاطر استراتيجية ابتكرها راي داليو؛ مؤسس شركة بريدجووتر. صندوقه الرائد "أوول ويذر" All Weather تضرر بشدة في الاضطرابات الأخيرة ـ انخفض 12 في المائة هذا العام. هذا تراجع كبير بالنسبة لاستراتيجية مصممة للعمل بشكل جيد في أي بيئة سوقية تقريبا، من خلال السعي إلى إيجاد توازن مثالي بين فئات الأصول المختلفة مثل الأسهم والسندات.
يقول بعض المحللين إن مثل هذه الصناديق لا تستسلم فقط للاضطرابات الأوسع، لكنها تؤدي إلى مفاقمتها - خاصة المشهد الغريب لبيع كل من السندات الحكومية التي يفترض أنها دفاعية، والأسهم الخطرة في آن معا. قال ألبيرتو جالو؛ مدير صندوق في شركة الجبريز إنفيستمنتس: "تشير هذه التحركات إلى تفكيك سريع لاستراتيجيات الرفع المالي، مثل تكافؤ المخاطر".
تشير تقديرات تشارلي ماكليجوت؛ خبير الاستراتيجية في "نومورا"، إلى أن صناديق تكافؤ المخاطر تخلصت من أكثر من نصف حيازاتها خلال بضعة أسابيع فقط؛ ما جعل الاستراتيجية "إلى حد كبير الجاني الأكبر في عملية تطهير الرفع المالي في فئات الأصول كافة"، التي شهدناها في الأيام الأخيرة. فهل تستحق مثل هذا اللوم؟
يمكن تتبع أصول الاستراتيجية إلى مصدر غير مرجح: قطع الدجاج الصغيرة.
عندما كان داليو مستشارا اقتصاديا في أوائل الثمانينيات، أحد عملائه كانت سلسلة مطاعم ماكدونالدز التي طلبت منه حل لغز. أرادت شركة الوجبات السريعة البدء ببيع قطع الدجاج الصغيرة، لكنها لم تستطع الاتفاق على سعر ثابت مع منتجي الدواجن. لم تكن هناك سوق عقود آجلة للدجاج، ولم ترغب مطاعم ماكدونالدز ولا موردها المحتمل في تحمل مخاطر تقلب الأسعار.
لذلك فكك داليو السعر إلى مكوناته - تكلفة الذرة وفول الصويا لإطعام الدجاج - ومنح شركة إنتاج الدواجن التحوط الذي تحتاج إليه. بالتالي ولدت قطع الدجاج "ماك نجت" McNugget.
تفكيك الأصول إلى مكوناتها وإعادة تجميعها هو حجر الأساس لما هو الآن "بريدجووتر أسوشييتس"، أكبر صندوق تحوط في العالم. كما أنه دعم إنشاء صندوق "أوول ويذر" في عام 1996. وقد تم تصوره كمحفظة استثمار سلبية من أصول متنوعة لصندوق داليو، المصمم للعمل بغض النظر عن مناخ السوق.
المحفظة الاستثمارية المتوازنة الكلاسيكية تتكون من 60 في المائة أسهما و40 في المائة سندات. لكن كان من رأي داليو أن هذه قسمة فجة بعض الشيء. إذا استثمر شخص ما ستة دولارات في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وأربعة دولارات في السندات، فإن التقلب الأكبر في الأسهم سيجتاح استقرار الدخل الثابت. بينما استثمار ثلاثة دولارات في الأسهم وسبعة في السندات يجعل المحفظة أقل تقلبا، لكن من المرجح أيضا أن يؤدي ذلك إلى تقليل العوائد. لذلك صندوق "أوول ويذر" استخدم الرفع المالي لزيادة تخصيص السندات، بحيث تحصل جميع أجزاء المحفظة على التقلبات نفسها تقريبا. إذا أضفنا مزيدا من فئات الأصول غير المترابطة، مثل السندات المحمية من التضخم والسلع، فينبغي أن نحصل على أداة أفضل توازنا تعمل من الناحية النظرية بشكل جيد في معظم البيئات. وتعمل صناديق تكافؤ المخاطر على إعادة الموازنة بشكل دوري بحيث تبقى تقلبات كل مجموعة ثابتة تقريبا، وتستهدف عادة مستوى عاما للتقلب بنسبة 10 - 12 في المائة.
كتب صندوق بريدجووتر في تقرير عام 2012 عن الاستراتيجية: "لا توجد حدود لطريقة تطبيق مبادئ الموازنة الخاصة بصندوق أوول ويذر وربما مع مرور الوقت يمكن أن تسهم في نظام مالي أكثر استقرارا". ثم تبعه المقلدون. الآن تقديرات حجم قطاع تكافؤ المخاطر تختلف بشكل كبير. أنشأ بعض المؤسسات الاستثمارية استراتيجيات داخلية مماثلة لا توجد لها أرقام مؤكدة. لكن تقديرات المحللين تشير إلى أنه ربما تم استثمار ما يراوح بين 175 مليار دولار و400 مليار دولار في تكافؤ المخاطر، ومع رفع مالي كامل يمكن أن يصل الاستثمار إلى عدة أضعاف. تنشأ المشكلات عندما تتحرك الأسواق بعنف وانسجام. ولأن صناديق تكافؤ المخاطر تستهدف مستويات معينة من التقلبات، فسيكون عليها بعد ذلك تقليل حيازاتها تلقائيا. يمكن أن يصبح ذلك حادا بشكل خاص في مراهناتها ذات الرفع المالي على الدخل الثابت. ويقول بعض المحللين إن هذا هو السبب في أنه حتى الزوايا الأكثر أمانا في السوق تضررت بشدة في الآونة الأخيرة. لكن بعض المطلعين في الصناعة يرون أن تكافؤ المخاطر هو ضحية أكثر من كونه جانيا. جادل مايكل ميندلسون؛ المدير في صندوق تكافؤ المخاطر في AQR، قائلا "من السخف" الاعتقاد أن الاستراتيجية لديها أي تأثير ذي معنى في الأسواق. واعترف بأن الصناعة قلصت تعرضها، لكن على مدى ثلاثة أسابيع فقط، وجادل بأن التأثيرات لا تذكر مقارنة بالتدفقات النقدية الأوسع نطاقا.
وقال: "تراجعت استراتيجية تكافؤ المخاطر لأن كل شيء تراجع تقريبا. عملت السندات خلال العام بشكل جيد، لكن ليس بشكل جيد بما فيه الكفاية لتعويض تراجع كل شيء آخر". الألم بالتأكيد كان شديدا. مؤشر تكافؤ المخاطر لاستهداف التقلبات بنسبة 10 في المائة في «ستاندرد آند بورز» انخفض 12 في المائة تقريبا حتى الآن هذا الشهر؛ وذلك سيئ تقريبا بقدر أداء الأسهم العالمية. لكن عددا قليلا من الاستراتيجيات تألق في الفوضى الحالية، في الوقت الذي يتدافع فيه كثير من المستثمرين لبيع كل شيء في حيازتهم.
حذر محللو «مورجان ستانلي» من أن العصر الذهبي لتكافؤ المخاطر - عندما ارتفعت السندات والأسهم معا - ربما يكون قد انتهى. وهم يعتقدون أنه مع ارتفاع أسعار السندات، حتى لو أعادت الارتباطات الطبيعية تأكيد نفسها، من غير المرجح أن توفر للمحفظة الاستقرار الذي كانت توفره فيما مضى.
جادل بول بريتون؛ رئيس صندوق التحوط "كابستون"، بأن هذا تحد يواجه تكافؤ المخاطر أكبر من أي نوبة من الخسائر. قال: "كانت استراتيجية تكافؤ المخاطر فكرة رائعة قبل 20 عاما، لكن لم يعد بإمكانها تحقيق مزيد من المزايا. إنها في وضع خطير الآن".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES