Author

هل تغيرت سياسة إنتاج النفط السعودي؟ «1»

|

 بعد اجتماع "أوبك+" الأخير بحضور روسيا -أهم المنتجين المستقلين- التي رفضت مقترحا بتعميق خفض الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا، انخفضت أسعار النفط مباشرة نحو 10 في المائة لكل من خام برنت والخام الأمريكي ليصل الأول إلى نحو 45 دولارا للبرميل، والثاني إلى نحو 41 دولارا للبرميل. انخفاض السعر في رأيي رد فعل طبيعي ومتوقع لرفض روسيا التعاون في تعميق خفض الإنتاج، لكنه رد فعل متواضع مقارنة برد فعل أسواق النفط بعد التحركات السعودية برفع الإنتاج إلى نحو 12.3 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) المقبل مع تقديم خصومات مجزية لبعض العملاء، وتوجيه "أرامكو السعودية" إلى رفع الطاقة القصوى المستدامة بواقع مليون برميل تقريبا لتصل إلى 13 مليون برميل يوميا، وهو رد فعل طبيعي ومشروع في ظل عدم تعاون جميع الأطراف وهم "أوبك" وروسيا، والوافد الجديد والطرف الأساسي في المعادلة النفطية النفط الصخري الأمريكي، فليس منطقيا أن تخفض السعودية وأعضاء "أوبك" الآخرون الإنتاج ويستفيد الباقون من هذا الخفض سعريا دون تخفيض، يجب التنويه إلى أن السعودية كانت وما زالت وستبقى -بإذن الله- صمام أمان أسواق النفط، وهذا ليس كلاما مرسلا، بل الأرقام تشهد بذلك وليس أصدق وأبلغ من لغة الأرقام، فقد قدمت السعودية كثيرا من المبادرات والتنازلات التي هدفت إلى استقرار أسواق النفط وأسعارها في منطقة مرضية للمنتجين والمستهلكين، وهي ثمرة الاتفاق التاريخي بين "أوبك" بقيادة السعودية وروسيا كمنتج مستقل مهم، حيث التزمت السعودية باتفاقية خفض الإنتاج التزاما كاملا، بل تجاوزت نسبة التزامها ما كان مطلوبا منها. قبل الإجابة عن السؤال عنوان هذا المقال أجد أن من الضروري جدا أن أسلط الضوء بإيجاز على بعض أهداف سياسة المملكة النفطية، التي أنصح جميع المختصين والمهتمين بهذا القطاع من كتاب وصحافيين بالاطلاع عليها. ساعدت القدرة الإنتاجية الفائضة على استمرار استقرار السوق البترولية، وذلك بضخ مزيد من البترول في حالات نقص الإمدادات، أو ارتفاع الطلب بصورة غير متوقعة.

تتسق السياسة البترولية للمملكة مع نهجها وسياستها المعتدلة والمتوازنة، التي تراعي مصالح جميع الأطراف والقوى، وتوازن بين الحاضر والمستقبل، ويركز النهج المعتدل للمملكة على التعاون الدولي، والسلام، والتنمية الاقتصادية، وتحقيق الرخاء للعالم أجمع. تسعى سياسة المملكة البترولية إلى استقرار أسواق البترول بالموازنة بين العرض والطلب اعتمادا على ما تملكه من احتياطيات ضخمة، وطاقة إنتاجية عالية، وطاقة فائضة تمكنها من تلبية الطلب العالمي خلال المواسم المختلفة، وعند حدوث أي نقص في الإمدادات في السوق البترولية الدولية. تسعى المملكة بالتعاون مع الدول المنتجة الأخرى داخل "أوبك" وخارجها، إلى ضمان توافر كميات كافية من البترول الخام في السوق الدولية، مع تفادي وجود فائض في العرض قد يؤدي إلى انهيار الأسعار في الأسواق التي تسعى المملكة إلى المحافظة على استقرارها، وتجنيبها التقلبات الحادة سواء في الأسعار، أو مستوى الطلب. تسعى المملكة إلى المحافظة على مستويات أسعار معقولة تحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، ليسهم هذا التوازن في نمو الاقتصاد العالمي خصوصا اقتصادات الدول النامية، وتحقيق عوائد مناسبة للصناعة البترولية العالمية لتحفيزها على مزيد من الاستكشاف، والإنتاج، لتلبية الطلب المتنامي على البترول.           

إنشرها