Author

«أرامكو» والتكيف مع الظروف والتحديات

|

 تأتي الأرباح التي حققتها شركة "أرامكو" السعودية، ضمن السياق الطبيعي على الساحة النفطية ككل، حيث حققت في العام الماضي أكثر من 330 مليار ريال، مقابل نحو 420.4 مليار ريال في عام 2018. ويعود هذا التراجع الطفيف (كما هو معروف)، إلى انخفاض أسعار النفط بشكل عام، فضلا عن التحديات العامة المحيطة بتحقيق الهوامش في قطاعي التكرير والكيماويات. ووفق البيانات الأخيرة الصادرة عن "أرامكو"، فقد حققت الشركة إجمالي مبيعات في عام 2019 بلغ 1.1 تريليون ريال، بتراجع أيضا عن 1.19 تريليون دولار في العام السابق له؛ ما وضع المبيعات عن مستوى منخفض بحدود 7.4 في المائة. حتى مع تراجع الأرباح والمبيعات، فقد حافظت "أرامكو" على مكانتها كواحدة من أكبر منتجي النفط في العالم.

لكن في النهاية فقد حققت الشركة ثاني أكبر صافي ربح لها خلال أربعة أعوام، وهي الأعوام التي شهدت تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنضوية تحت لواء منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك"، والدول خارجها. هذا الاتفاق أسهم في تراجع المبيعات بالطبع، وذلك لحماية أسعار النفط بشكل يرضي المنتجين والمستهلكين. وكما هو معروف، كانت المملكة في موقع القيادة في هذا الاتفاق، ولا سيما بعد أن وصلت أسعار النفط إلى مستويات متدنية تاريخية قبل خمسة أعوام تقريبا. المهم أن "أرامكو" حققت أداء جيدا في العام الماضي، وهو العام الذي شهد طرح جزء من أسهم هذه الشركة الضخمة في السوق السعودية، بينما لا تزال هناك مخططات لطرح مزيد من الأسهم في البورصات العالمية، في الوقت المناسب الذي تراه القيادة.
مع وصول أرباح أكبر شركة نفط في العالم إلى 330.69 مليار ريال، فقد بلغت ربحية السهم الواحد 1.65 ريال، حيث وصل العائد على السهم إلى 5.7 في المائة، وبلغ العائد على التوزيعات السنوية 4.9 في المائة. واللافت في الأرقام الأخيرة لـ"أرامكو" أيضا، أن توزيعات الأرباح عن الفترة الممتدة من طرح جزء من أسهم الشركة حتى نهاية العام الماضي بلغت 14.8 مليار ريال. يأتي هذا، في ظل الحراك الصحي للشركة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الاستثمارات الواسعة في نطاق تخصصها، وعمليات التطوير التي تجري بصورة دائمة هنا وهناك. وتتمتع الشركة بقوة كبيرة ومكانة عالية جدا، في كل الظروف التي مرت بها السوق النفطية على الساحة الدولية، ناهيك عن الثقة بالسياسات النفطية (وغيرها) التي تتخذها القيادة من موقعيها الإقليمي والعالمي.
و"أرامكو" لديها القدرة على التكيف مع كل الظروف بصرف النظر عن طبيعتها. وتؤكد الجهات الدولية هذه الحقيقة، التي ظهرت بوضوح من خلال الاهتمام الشديد للمستثمرين الأجانب بطرح جزء من أسهم الشركة. ويقول المهندس أمين الناصر؛ رئيس "أرامكو" وكبير إدارييها التنفيذيين، "إن 2019 عام استثنائي بالنسبة لـ(أرامكو السعودية)"، وهو عام استثنائي من كل النواحي. فضلا عن التطورات التي بدأت في العام الجديد على صعيد وباء "كورونا" المستجد، الذي لا يزال يضرب العالم في كل الميادين والمجالات. لكن أثبتت "أرامكو" أنها تمتلك القدرة التامة على التكيف مع كل التحديات، بما فيها "كورونا"، الذي يمكن أن تدوم آثاره لأسابيع وربما لأشهر مقبلة. وفي كل الأحوال، أرباح "أرامكو" تبقى صحية بصرف النظر عن انخفاضها قليلا، لأسباب معروفة للجميع، وعلى رأسها عدم اليقين على الساحة الاقتصادية العالمية.           

إنشرها