ماذا سيبقى من شركات الرحلات البحرية؟

ماذا سيبقى من شركات الرحلات البحرية؟

ماذا سيبقى من شركات الرحلات البحرية؟

تعد شركة كارنفال حالة شاذة. إن إدراج الشركة المشغلة لخطوط رحلات بحرية تتخذ من ميامي مقرا لها في بورصة لندن، هو صدى لاستحواذها العدواني عام 2003 على شركة بي آند أو برينسس كروزز، التي حصلت عليها بموجب تعهد بالإدراج المزدوج.
يبرز سهم الشركة أيضا باعتباره الأكبر في الخسائر، ضمن مؤشر فاينانشال تايمز 100 حتى الآن من العام بانخفاض أكثر من 60 في المائة. اعتبارا من صباح الجمعة الماضي، بلغت القيمة الإجمالية لخطوط كارنفال في كل من بريطانيا والولايات المتحدة: 2.5 مليار جنيه استرليني (3.2 مليار دولار)، على التوالي، أي أقل مما كانت عليه عندما بدأ نفاذ الاستحواذ على "بي آند أو برينسس كروزز" قبل نحو 17 عاما، عندما كان حجم الأسطول الموحد 62 سفينة. يبلغ العدد الآن 104 سفن.
إن الحكم على ما إذا كانت عملية البيع هذه هي رد فعل مبالغ فيه يتطلب إجابات على سؤالين رئيسين: كم سنستغرق من الوقت للسيطرة على فيروس كورونا؟ وما الذي سيبقى من الصناعة عندما تأتي تلك اللحظة؟ حتى يتضح ذلك، لا توجد أي إمكانية لتثبيت التوقعات وحساب القيم المستقبلية. الاستثمار يصبح مقامرة. بحسب ما تظهر الانخفاضات القياسية هذا الأسبوع، فإن معظم المستثمرين مترددون.
أصبح تفشي الفيروس يمثل أزمة وجودية بالنسبة إلى هذه الصناعة. الشركات المنافسة لـ"كرنفال" كان أداؤها أسوأ حتى الآن هذا العام، حيث انخفض سهم كل من"نورويان كروز لاين" و"رويال كاريبيان"، المدرجتين في "وول ستريت"، بنحو 80 في المائة.
تم استهداف شركات الرحلات البحرية لأنه لا يوجد قطاع يبدو في وضع سيئ للتعامل مع هذه الأزمة بقدرها.
انتشر المرض خلال فصل الشتاء "موسم الموجة"، وهو الربع الرئيس للصناعة عندما يتسابق أصحاب السفن على الحجوزات المبكرة، حتى يمكنهم على الأقل أخذ راحة قبل رحلاتهم المجدولة خلال العام. غالبا ما يكون صعبا أن يتوافق الطلب مع القدرة على الدفع، لأن السفن يتم تسليمها عادة خلال مدة تصل إلى خمسة أعوام بعد الطلب، بأسعار مكونة من تسعة أرقام.
ثم هناك مشكلة التركيبة السكانية التي تمت مناقشتها كثيرا. هناك راكب من بين كل سبعة ركاب في سفينة سياحية يتجاوز عمره 70 عاما، ما يضعهم في فئة الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بـ "كوفيد-19". بعد مرور عقود من القصص حول تفشي فيروس نورو فيروس، كان لدى الشركات المشغلة بالفعل سمعة سيئة في الحفاظ على صحة الركاب.
يتعامل علماء الأوبئة مع الحالة المصابة بـ"كوفيد-19" على متن سفينة "دايموند برينسس" التابعة لشركة كارنفال لقياس معدلات احتضان الفيروس الذي نتج عنه إصابة 700 شخص وثماني حالات وفاة. أعلنت "كرنفال" هذا الأسبوع أنها ستعلق جميع الرحلات البحرية تحت علامتها التجارية برينسس لمدة شهرين، وتمثل نحو خمس أسطولها، وتستهدف السياح من كبار السن الذين يريدون جولات أطول.
على الرغم من أن هذا الإجراء ينبغي أن يحمي العلامة التجارية لـ"برينسس" من مزيد من الضرر، إلاأنه ربما لا يساعد على استمرارية منتجها على المدى الطويل.
الأمر المؤكد الوحيد هو أن عام 2020 قد انتهى. أفادت أنباء بأن نسبة الحجوزات التي تم إلغاؤها بلغت نحو 50 في المائة حتى قبل إغلاق إيطاليا على الصعيد الوطني، وحظر الولايات المتحدة للرحلات من أوروبا.
عروض الخصومات الكبيرة على الحجوزات المستقبلية سمحت للشركات المشغلة بالاحتفاظ بأموال العملاء، ما أدى إلى تأخير أي أزمة تؤثر في رأس المال العامل. إلا أن المرونة والشروط السخية على نحو متزايد لمصلحة العملاء، يمكن أن تختزن مشكلات تدفق نقدي في وقت لاحق. تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعبارات غامضة حول المساعدات التي تقدمها الدولة، لكن لا أحد يمكنه تخمين مايعنيه ذلك عمليا -إن كان هناك من شيء.
حتى إذا تم التعامل مع شركات الرحلات البحرية السياحية بطريقة أو بأخرى على أنها أكبر من أن تنهار، ليس من الواضح لماذا هي مرشحة لعمليات الإنقاذ. العقود الائتمانية لشركة كرنفال مع نظرائها الرئيسين، تمت صياغتها في الأغلب حول قيم الميزانية العمومية. سيؤدي تآكل هذه الحواجز إلى عمليات شطب عميقة للقيمة السهمية وخسائر كبيرة على مدى عدة أعوام، وهو الأمر الذي لا يبدو محتملا للغاية، بسبب انتقال الإدارات إلى وضع الحماية النقدية. من المحتمل جدا أن تكون هناك حالات فشل بين الجهات الفاعلة الأصغر والأضعف. إن ذلك سيجعل الصناعة التي تشبه التكتلات الاحتكارية بالفعل أكثر تركيزا.
في عام 2016 قدرت "ماكواري" تكلفة استبدال أسطول "كارنفال" بنحو 54 مليار دولار، أي أكثر من ضعف قيمة الشركة المتقلصة الحالية التي تزيد على 21 مليار دولار. في أي افتراض غير الانتعاش البطيء بعد الانخفاض الحاد، فإن مخاطر الفشل ليست شديدة بعد.
هل يمكن بناء حجة تقييم حول هذه الحقائق وحدها؟ من المحتمل مع التحذير بأن جميع من حاول حتى الآن شعر بالندم بعد فترة وجيزة. كان الربع الأول يثبت مقولة: بغض النظر عن مدى سوء الأمور، إلا أنها يمكن أن تزداد سوءا دائما.
بالنسبة إلى البعض، يبدو الأمر كأنه رهان يستحق المخاطرة. يقول جيمس هاردمان المحلل في "ويدبوش سيكيوريتيز": في حين أن أهدافه المتعلقة بالسهم "تبدو إلى حد ما عديمة الجدوى"، إلا أن هناك منطقا وراءها.
كتب في تقرير صدر هذا الأسبوع: "إذا لم تفلس هذه الشركات، فمن المرجح أن تزداد قيمتها إلى ضعفين أوتصبح ثلاثة أضعاف خلال 12-18 شهرا المقبلة".
"على الرغم من أن التحدث في هذه الشروط أمر يثير الاشمئزاز لأسباب مفهومة بالنسبة إلى بعض المستثمرين، إلا أن آخرين سيعدون ذلك في النهاية فرصة كبيرة لكسب المال".

الأكثر قراءة