Author

ما يستفاد من الحدث

|

 من أبرز ما كنا نحفظ في مقرر الحديث جزئية "ما يستفاد من الحديث"، وهي جزئية مهمة لو تركت لاتقاد أذهاننا وتعبيرنا كل بطريقته عما استفاد من أي حديث للمصطفى - صلى الله عليه وسلم - تضمنه المنهج، لكن حفظها وإعادة إلقائها بالصيغة والعبارات نفسها أسهم في تبلد كثيرين تجاه معانيها أولا، ثم تجاه الإبداع في القراءة والاستنتاج ثانيا.

الجائحة أو الوباء، حدث هذه الأيام، الذي يعلو صوته إلى درجة وصول البعض إلى مرحلة نصح الآخرين بتقليل المتابعة حفاظا على نفسياتهم وربما مناعتهم التي تتأثر بالحالة النفسية للإنسان.
وبما أن الحرب الاقتصادية التي تلبس ثياب البحث العلمي والدوائي لاكتشاف اللقاح، انطلقت بين الشرق وطرفين أو ثلاثة في الغرب فهذا يعني للمتفائل أنهم يريدون إدراك السوق قبل انحساره، وهو - بإذن الله - لا بد أن ينحسر كما هو حال الأوبئة دائما في مراحلها الثلاث: الصعود، والانتشار، ثم الانحسار.
ما يستفاد من الحدث كثير، ورأينا دولا وشعوبا بدأت تدرك أوضاعا وحقائق حتى عن تحالفاتها الإقليمية التي اكتشفت أنها على الورق، وهو اكتشاف متوقع؛ كون الأزمات ترفع مستويات الأنانية وهذا أمر طبيعي، ثم هو أيضا متوقع من قراءة ودراسة التاريخ، والمثال رأيتموه جميعا في خطاب إحدى دول الاتحاد الأوروبي "الصغيرة".
ولعل أبرز فائدة، هي تخلف البحث العلمي الطبي والدوائي في العالم العربي، وهي فائدة من الحدث تتكرر كل مرة، يحفظها العامة والخاصة ويرددونها ترديدنا ونحن صغار لما يستفاد من الحديث دون تعمق، أو محاولة للخروج عن النمط.
يعتقد الناس أن الحكومات هي من يجب أن تدعم أبحاث ابتكار واكتشاف الأدوية واللقاحات، وهذا ليس صحيح بالكلية، فالمعمول به، أن تقوم شركات الأدوية بذلك، لأنه بمنزلة الاستثمار، وشركات الأدوية في العالم العربي مجرد مصانع تجميع أو إعادة إنتاج لمبتكرات غيرها بأسماء تجارية مختلفة.
الحكومات لها أدوار بالتأكيد، لكنها لا تكفي وحدها، وسمعنا خلال "الحدث" مصطلحات مثل، مراكز البحث الطبية العسكرية، ومراكز الجيش الفلاني للبحث العلمي، لكنها تقوم بأعمالها وتتعاون مع غيرها. هذا غالبا ما يتمول من شركات الدواء، ويمكن في حالات معينة تلقى بعض الدعم الحكومي.
الفارق المهم، هو ثقافة البحث العلمي، أهدافها وحوافزها وآلياتها البيروقراطية، خصوصا في الجامعات ومراكز البحث، التي نعرفها بالاسم ولا نعرف ماذا تفعل أو تنتج وهي كثير في عالمنا العربي، أو عالمنا الثالث، الذي نود الانعتاق منه.
الحدث كبير، والفوائد كثيرة، ولا بد من معاودة الحديث.           

إنشرها