Author

كيف سيكون شكل العالم بعد أزمة «الفيروس»؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

أمر مذهل كيف تحول الوضع مع هذا الوباء الذي أصبح ينتشر في العالم كما النار في الهشيم وأصبح من كان يقلل من خطره وآثاره اليوم يبحث ويستغيث للوصول إلى حلول؟ ووقف مركز الحضارة للعصر الحديث في أوروبا عاجزا عن احتواء المرض والحد من تفشيه الذي أصبح خارج السيطرة، فيما نجد أن أقطابا أخرى بدت أكثر اتزانا وقدرة على إدارة الأزمة، الملاحظ أن دول أوروبا أصبحت تتخبط في قراراتها حيث خرج رئيس وزراء بريطانيا ليعلن استراتيجية غريبة لمواجهة الأزمة تعرض بمناعة القطيع وأن على المجتمع المواجهة مع أزمة ستصيب 60 في المائة من السكان ليتمكن المجتمع من الوصول إلى مناعة تلقائية مستقبلا مع ضحايا قد يصلون إلى 20 ألفا خاصة من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وكان حديثه للعالم مرعبا خصوصا البريطانيين الذين بدوا بلا حول ولا قوة أمام إعلان رئيس الوزراء، أما فيما يتعلق بالعالم فإن نتيجة هذا القرار إما عزل بريطانيا عن العالم إلى أن يتم الانتهاء من الأزمة وإما الانفتاح على الانتشار للوباء مرة أخرى بين دول العالم لتستمر الأزمة إلى أن يشاء الله. لكن بريطانيا لاحقا خضعت لمطالب كثير من مواطنيها لتبدأ عمليا في إجراءات للحد من انتشار المرض لكن بعد أن أصبح واقعا وانتشر بشكل واسع في بريطانيا وأوروبا، خصوصا الدول الفاعلة أكثر في الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا. في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم بدت الصين أكثر قدرة على إدارة الأزمة رغم تهاونها في بداية الأمر وقدرتها على معالجة الحالات التي لديها للخروج بأقل الخسائر، كما أصبحت لديها خبرة بدأت تنشرها بين دول العالم خصوصا في إيطاليا التي رحبت كثيرا بالمساعدة الصينية التي حظيت بثناء المجتمع في إيطاليا في ظل تفاقم الأزمة.

في ظل هذه الظروف ظهرت دول الخليج بإدارة أكثر كفاءة حتى في ظل التخلف والإهمال الذي كانت تمارسه إيران، ما تسبب في تصدير هذا المرض في بداية ظهوره إلى بعض دول الخليج، وقد كانت المملكة والإمارات والكويت والبحرين خصوصا قد اتخذت إجراءات صارمة وفورية للحد من انتشار هذا الفيروس وتعاملت مع حالة الإهمال من قبل دول أخرى في العالم بإدارة حدودها بكفاءة عالية للحد من تفشي المرض في الداخل، إذ حينها ستصعب السيطرة عليه مقارنة بحالة مواجهته قبل الوصول، وقد كان من الممكن أن تكون في ظروف أسوأ من أوروبا لو انتظرت قليلا إلى أن يتفشى المرض حتى تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهته إلا أن الأساليب الوقائية المتخذة مبكرا ستقلل - بإذن الله - الأثر الاقتصادي الذي يمكن أن ينشأ بسبب هذه الأزمة التي يمر بها العالم.
بعد أزمة "كورونا" كيف ستكون ردة فعل العالم؟ وما الأثر الذي يمكن أن يحصل من جراء ذلك؟
لا شك أن العالم اليوم أصبح أشبه بالقرية الواحدة فرغم أن الأزمة حدثت في الصين إلا أن أثرها وصل إلى أوروبا وأمريكا الشمالية ودول كثيرة حول العالم، لكن لا يمكن للعالم أن يتهاون مع بعض الدول التي تعيش خارج سياق الاتجاه العالمي وتنفق بسخاء على كل ما يؤدي إلى الفوضى حول العالم في ظل إهمالها أبسط أسباب العيش الكريم لشعبها، فأصبحت مصدر إزعاج وفوضى للعالم سواء بتدفق الأمراض أو الفوضى والإرهاب، كما أن العالم بدا أكثر فاعلية من خلال التنسيق والتعاون بين منظمة الصحة العالمية والدول فيما يتعلق بالمرض وسبل الوقاية منه وتبادل الخبرات وتقييم الوضع بكل ما يخص المرض إضافة إلى العمل على تقديم الدعم للمتضررين والدول الأقل قدرة على مواجهة مثل هذه الأزمات.
كما أن العالم اليوم أصبح أكثر قناعة بفاعلية منظومات العمل عن بعد والتعلم الإلكتروني والتجارة الإلكترونية وأهمية تفعيل التقنية في تقديم الخدمات، إضافة إلى أهمية الاستثمار اليوم في الذكاء الاصطناعي بما يحسن من الظروف الصحية والكفاءة في الأنشطة الاقتصادية.
الخلاصة: إن الأزمة الحالية التي يمر بها العالم سيكون لها أثر في إعادة تشكيل خريطة الاقتصاد والتنمية في العالم، إضافة إلى أهمية التنسيق والتعاون بين دول العالم، كما أن العالم اليوم أصبح أكثر قناعة بالأنشطة والوسائل التقنية التي تيسر أمور العمل والتعليم عن بعد، إضافة إلى التجارة الإلكترونية.

إنشرها