ثقل الدم
يتردد بين الحين والآخر على ألسنة الناس مقولة – فلان ثقيل دم أو فلانة يا ثقل دمها – وبالطبع ثقل الدم هذا ليس مرضا عضويا ليعالج بالعقاقير، وإنما هو مرض مجازي - إن صح التعبير. تكمن المشكلة أساسا أن ثقيل الدم لا يعرف أنه كذلك وإلا لحرص على أن يعالج نفسه بأي شكل من الأشكال.. وعندما سئل أحد الحكماء لم صار الثقيل أثقل على القلب من الحمل الثقيل؟ أجاب لأنه يجتمع على الحمل الثقيل الروح والبدن أما الثقيل فتنفرد به الروح.. وللعرب كثير من المؤلفات في ذم الثقلاء ومن أشهرها كتاب الإمام السيوطي "اتحاف النبلاء بأخبار الثقلاء".. وقد نظموا القصائد في ذلك ومنها قول الشاعر،
سقط الثقيل من السفينة في الدجى/ فبكى عليه رفاقه وترحموا
حتى إذا طلع الصباح أتت به/ نحو السفينة موجة تتقدم
قالت خذوه كما أتاني سالما/ لم أبتلعه لأنه لا يهضم
ويكاد يجمع الناس على أن "ثقيل الدم أو ثقيل الطينة" كما يحلو للبعض أن يسميه هو ذلك الشخص الذي لا نفرح بوجوده ونسعد "بفرقاه"، لأنه يحمل بين جنبيه خليط من التكبر والغرور والجهل، فتجده كثير الحديث عن نفسه ويرى أن له مزية عن غيره، فتراه يحتقر الآخرين بل ربما أقام البعض ليجلس مكانهم.. وليس ثقل الدم محصورا على فئة من الناس دون غيرها، بل تجده في جميع فئات المجتمع وطبقاته فكما تجده في الأستاذ الجامعي تجده في المذيع والممثل وفي الفقير والغني.. ومن أبرز علامات ثقيل الدم حبه لمقاطعة حديث الآخرين وعدم احترامهم.. وتكاد تجمع الكتب التي تتحدث عن الثقلاء أنهم أولئك النفر من الناس ممن لديهم عادات وخصال لا يحبها الناس.. يروى عن الشعبي أنه مرض فعاده أحد الثقلاء وأطال الجلوس كثيرا وقال الرجل للشعبي متسائلا، ما أشد ما مر عليك في مرضك؟ قال الشعبي، قعودك عندي! ويذكر عن أحد الأئمة الإعلام أنه قال، "ما جلس إلى جانبي ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الآخر". ويرى البعض أن أفضل علاج لمجالسة الثقيل هو التحلي بالصبر ومعاملته بالحسنى وسعة الصدر ومن وجهة نظري إذا لم تستطع أن تطبق ما سبق فإن أفضل علاج هو الهروب بأقرب وقت أو تطبيق ما يعرف باللهجة العامية "الفركة".