Author

مهما كان الثمن .. الإنسان أولا

|

طمأن خادم الحرمين الشريفين المواطنين والمقيمين لأنه يفهم تماما ما يقلقهم، ويدرك تماما القضايا كافة التي تشكل همومهم. فانتشار فيروس كورونا في العالم وما ظهر في دول حول العالم من ارتباك واضح جدا، قد يزيد من هلع الناس وقلقهم على مستقبلهم، لذا جاء حديث الملك مباشرة إلى الشعب بعدم إنكار حقيقة الواقع الصعب على مستوى العالم، وأن مقبل الأيام قد يكون أصعب، لكن في مقابل ذلك فإن ثقة الملك بشعبه أقوى، وتوجيهاته  صريحة أيضا بشأنه، وأن المملكة شعبا وقيادة قادرون بالإيمان بالله تعالى على تجاوز الأمر.
وإذا كانت كلمة صعبة فانها تعني بأن التحديات كبيرة، وأن هذا المرض يشكل واقعا جديدا قلما يشهده جيل، فإن هذه التوجيهات الأبوية تعكس عمق الإيمان، والثقة الكبيرة بأصالة الشعب السعودي. تلك الثقة التي ترسخت منذ عهد المؤسس - رحمه الله - وأبنائه البررة من بعده، حتى وصل الأمر إلى الملك سلمان، ثقة تتجدد مع كل أزمة تمر، ومع كل تحد يواجهنا.
‏‎تحدث الملك بوضوح وشفافية وصدق وحكمة، وفي توقيت حاسم يعكس اهتمامه المباشر ومتابعته لهذه الأزمة، فالمملكة جزء من هذا العالم، وليست بمعزل، ولا تعمل منفردة، وما شهدته دول المنطقة والعالم أجمع، محط اهتمامه. والمملكة تعمل مع الجميع في منع انتشار الوباء، وفي هذا تم تطبيق أعلى معايير الإجراءات الصحية في مثل هذه الحالة، كما دعمت المنظمات الدولية المعنية وساعدت الدول التي تعاني الجائحة، وهذا نابع أساسا من تعاليم الدين الحنيف ورسالة واضحة للعالم بشأن مشاركة المملكة في جهود المكافحة. وفي هذا، فإن المملكة - قيادة وشعبا - تدرك هذه الجهود الجبارة وتحترمها، وتقدم دعمها الكامل من أجل إنقاذ البشرية من هذا الوباء.
وكعادته، تحدث الملك بصراحة، وأنه يشرف ومطلع على جميع الجهود التي يقوم بها أبناؤنا في الصفوف الأمامية من الممارسين الصحيين، ما يعكس تقدير خادم الحرمين الشريفين لهم ومبادرته إلى تكريمهم، وفي هذا الخطاب إزالة القلق من الناس وإيمان بقدرات القطاع الصحي في المملكة وتطبيق أعلى المعايير للتعامل مع "كورونا"، فالأولوية لدى خادم الحرمين الشريفين كانت دائما في تنمية الموارد البشرية لهذه البلاد، وهو التعبير الحديث عن الاهتمام الشامل بقضايا الإنسان، من تعليم وصحة وكرامة، فهنا يؤكد الخطاب الملكي أن تكلفة رعاية الإنسان وكرامته لا تقدر بثمن، لهذا حرص على التأكيد أن الآثار المادية لحصار المرض ليست بأهمية حفظ النفس البشرية أولا، وهذا يفسر تماما الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي اتخذتها حكومة المملكة، فمهما كانت التكلفة الاقتصادية، فإنه سيظل ثمنها قليلا أمام الحفاظ على سلامة الناس وصحتهم وأسرهم. وهذا الحديث الأبوي يقدم تفسيرا واضحا للنهج الاقتصادي للمملكة الذي يقوم على رعاية الإنسان وكرامته.
اتخذت الدولة كل الإجراءات الكفيلة بالحد من خطورة المرض، لكن هذا مرهون بمدى امتثال المجتمع بجميع أطيافه للإجراءات والالتزام التام، وأشاد الخطاب الملكي بدور المجتمع في ذلك، ما يشير إلى أهمية العقد الاجتماعي الذي بنيت عليه هذه الدولة، من الثقة بين الملك وشعبه، وأن ما تتخذه الحكومة من قرارات، إنما تصب في مصلحة الشعب مباشرة، ذلك أنه لا حزبية ولا قومية، بل دولة المجتمع الواحد الذي كالبنيان المرصوص إذا أصاب فرد منه مرض تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
فالمواطنون وثقتهم بحكومتهم، يمثل الدعم لكل الإجراءات والتدابير الحكومية مهما بلغت حدتها أو صعوبتها، كما أن هذا العقد المجتمعي التكافلي، يجعلنا على ثقة بأنه لا تساهل أو تراخ في مسألة توفير الغذاء والدواء، وثقة المجتمع تجلت في عدم ظهور أي مظاهر تزاحم أو تدافع في الأسواق، فقد مر المجتمع السعودي بتجارب عدة من قبل، كتلك التي حدثت في حربي الخليج الأولى والثانية، وفي كل أزمة كانت القيادة تتابع توفير احتياجات الناس والحرص عليها، والتأكيد على الأجهزة الرقابية أن تكون الاحتياجات الضرورية والمتطلبات الأساسية في متناول المواطنين والمقيمين، وعدم حدوث أي خلل في إمدادات الغذاء والدواء والاحتياجات المعيشية أو مساس بأسعارها، تلك التجارب التي أسهم الملك سلمان في تجاوزها، وجعل المواطنين والمقيمين غير قلقين اليوم، فالعزم و الحزم شعاره دوما.

إنشرها