Author

هل قرعت «حرب الأسعار» طبولها؟ «1»

|
مختص في شؤون الطاقة

عقد اجتماع "أوبك +" يوم الجمعة الماضي، بحضور روسيا أهم المنتجين المستقلين، وكانت التوقعات بين مفرط في التفاؤل ومفرط في التشاؤم. نتائج ومخرجات الاجتماع كانت "صادمة" لكثيرين وأنا منهم، حيث إنني لم أكن مفرطا في التفاؤل وتوقعت أن روسيا لن توافق على مقترح "أوبك" بتعميق الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا، وتوقعت أن تنتهي المفاوضات بالاتفاق على خفض كمية إضافية تراوح بين 500 و750 ألف برميل يوميا. لكن جاءت نتائج الاجتماع مغايرة لشريحة كبيرة من المختصين والمتابعين لأسواق النفط، حيث لم يتوصل طرفا الاجتماع وهما أعضاء "أوبك" والمنتجون المستقلون باستثناء روسيا من جهة "23 عضوا" وروسيا من جهة أخرى، لم يتوصلا إلى اتفاق حول تعميق خفض الإنتاج، ما انعكس سلبا وبصورة قوية وفورية على أسعار النفط، فقد هبط سعر برميل خام برنت نحو 10 في المائة ليصل إلى نحو 45 دولارا للبرميل، بالتزامن مع انخفاض الخام الأمريكي بأكثر من 10 في المائة، حيث وصل سعره إلى نحو 41 دولارا للبرميل. الجدير بالذكر أن هذه المستويات هي الأسوأ منذ خمسة أعوام، والاتفاق المبرم سابقا لخفض الإنتاج سينتهي نهاية هذا الشهر، فهل الأسوأ لم يأت بعد؟ وهل سيكون هناك خفض أحادي من "أوبك" بعد رفض روسيا المقترح؟، وهل ما يحدث إرهاصات لحرب سعرية ضروس؟ ومن المستفيد؟ رغم أن البعض يرون أن فشل اجتماع "أوبك +" في الوصول إلى تعميق خفض الإنتاج قد يؤدي لهبوط أسعار النفط إلى مستوى الـ30 دولارا، إلا أنني أرى -من وجهة نظر شخصية- ورغم التأثير السلبي لفيروس "كورونا" القوي على العالم بأسره ومنه بلا شك أسواق النفط، إلا أنني أرى أن "أوبك" ستتحرك وسيكون هناك خفض أحادي الجانب حتى بعد تصريح باركيندو الأمين العام لـ"أوبك" أنها -وأعني "أوبك"- لن تقوم بخفض أحادي وجاء عقب الاجتماع الأخير مباشرة وقد يكون رد فعل انفعاليا، روسيا صرحت أن نهاية الشهر الجاري سينتهي اتفاق خفض الإنتاج، ويحق لروسيا وغيرها من المنتجين الإنتاج بالطاقة القصوى، فهل من مصلحة المنتجين في "أوبك" إذا ما استمر التعنت الروسي أن تقرع طبول حرب الأسعار، حتى يعود الجميع إلى طاولة الحوار مضطرين؟ حتى وإن كان هدف روسيا كما يرى البعض هو الضغط على النفط الصخري الأمريكي، وكبح جماحه من النمو وزيادة حصته السوقية على حساب "أوبك" والمنتجين المستقلين في حال تم الاستمرار في خفض الإنتاج. حتى وإن كان هذا هدف روسيا فلا أعتقد أن هذا "السيناريو" مجد للمنتجين الآخرين، وخيار مناسب لهم وحرب سعرية مناسبة في هذا التوقيت بالذات في عالم يئن تحت وطأة "كورونا" وتبعاته وتأثيره الاقتصادي في العالم بأسره عموما وفي الصين خصوصا، حيث لم يكن في أحسن حالاته قبل تفشي الفيروس بسبب الحرب التجارية الأمريكية. من هذا المنطلق أتوقع -والعلم عند الله- أن "أوبك" ستتحرك نحو تعميق خفض الإنتاج بصورة أحادية على الأقل، لوقف نزيف أسواق النفط وهو خيار من خيارين أحلاهما مر، ما سيؤخر قرع طبول الحرب لوقت قد لا يكون بعيدا.           

إنشرها