Author

برنامج استدامة الطلب على البترول .. خطوة بألف خطوة «2»

|
مختص في شؤون الطاقة

عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، ومن أدق التعريفات التي قرأتها عن الاستدامة أنها "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة"، حيث إن تطبيق هذا المبدأ المهم والاستراتيجي بفاعلية في أي قطاع، أو جهة بلا شك دليل على بعد النظر وحصافة الفكر، وتحمل المسؤولية تجاه الأجيال المقبلة، وهي بلا شك -وأعني هنا الاستدامة- ركيزة من ركائز "رؤيتنا" وأحد أهدافها الاستراتيجية. وضحت بإيجاز اللبس الذي يقع فيه البعض في التمييز بين انخفاض الطلب على النفط وانخفاض "النمو" على الطلب، الذي قد يلبس على المتلقي ويوصل رسائل غير علمية وغير دقيقة عن مستقبل الطلب على النفط. أعلن الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة خلال مؤتمر "سابك" 2020، الذي عقد قبل أسبوعين تقريبا "برنامج استدامة الطلب على البترول"، فماذا يعني ذلك؟ وما أهدافه؟ برنامج استدامة الطلب على البترول، يعمل على تحقيق هدف استراتيجي وهو التكامل بين صناعة النفط والمصافي مع صناعة البتروكيماويات، وهو تكامل حقيقي لصناعة المنبع والمصب وما بينهما، ما سيولد عائدا أعلى من الاستثمارات والأصول الموجودة في المملكة، ويستهدف رفع الكفاءة الاقتصادية والبيئية للنفط والغاز التقليديين وغير التقليديين، بالتركيز على الابتكار وتعزيز المحافظة على البيئة. لمعرفة حجم البرنامج وأهميته من المهم معرفة عدد الجهات التي شاركت في دراسته، وعدد الجهات التي ستتولى تنفيذه، فقد شاركت 52 جهة في دراسته وستكون مسؤولية التنفيذ مسؤولية 17 جهة حكومية وغير حكومية، ويعمل هذا البرنامج تحت مظلة اللجنة العليا للموارد الهيدروكربونية، التي يرأسها الأمير محمد بن سلمان، ويستهدف البرنامج أيضا تطوير مواد غير معدنية كبلاط البوليمر والخرسانة البوليمرية، والبلاستيك المقوى بالألياف الزجاجية بما يحفز وينمي الطلب على الموارد الهيدروكربونية، ويجعلها أكثر استدامة ويزيد الطلب على النفط والغاز في المستقبل، ويرفع حصة المملكة منه. برنامج استدامة الطلب على البترول القائم على الابتكار والطاقة النظيفة، سيدفع إنتاج سلسلة منتجات من البوليمرات تمثل 6 في المائة فقط من المواد المستخدمة عالميا، بينما تمثل المواد الأخرى كالحديد والألمنيوم والزجاج، والورق نحو 94 في المائة من المواد المستخدمة، وهذا يعني أن هناك فرصا كبيرة لنمو الطلب على النفط والغاز. رفع كفاءة الإنتاج بالتزامن مع رفع كفاءة الاستهلاك -في رأيي- من أهم العوامل التي ستسهم في قطف ثمار هذا البرنامج النوعي، حيث إن توفير كل برميل من النفط بخفض نسبة الاعتماد عليه، وحرقه لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه سيدعم صناعة المصب، وسيدعم كذلك مصادر الطاقة الأخرى ومنها الطاقة المتجددة، التي توليها القيادة اهتماما بالغا لتنويع مصادر الطاقة، والحفاظ على مصادر الطاقة الناضبة -الوقود الأحفوري- واستغلاله خير استغلال. تعزيز استغلال القيمة المضافة الممكن تحقيقه من الموارد الهيدروكربونية سيعزز التكامل بين الصناعة البترولية والبتروكيميائية، والعمل مع الشركات للتوسع في مجال أعمالها وزيادة إنتاج المواد المختصة، كما هو الحال في بعض الشركات الأخرى بشكل يدعم وييسر قيام وتوسع الصناعات التحويلية، وسيدفع بشركاتنا الوطنية، التي نفخر بها مثل "أرامكو" و"سابك" و"صدارة" إلى زيادة حصتها في قطاع البتروكيمياويات عالميا.           

إنشرها