Author

كيف نرفع نضج مؤسساتنا الحكومية؟

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

يعود الفضل في تناغم وانسجام مؤسسات الدولة بالشكل الذي وصلنا إليه اليوم إلى العمل الدؤوب من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتوجيهات الكريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ في هذا السياق التعاقب الوزاري في أغلب الأمر يعزى إلى أن هناك قضايا كبرى يجب على المسؤولين تحقيقها ولا سيما أن مجلس الوزراء يحظى بنخبة من وزراء يشكلون حكومة كفاءة أساسها تحقيق إنجازات متوالية تدعم بقاء أي مسؤول في منصبه.
تدفق الآراء الاقتصادية من الرأي العام إلى المسؤولين أمر حيوي ولا يقل أهمية عن أي جهد داخلي في مؤسساتنا الحكومية ولا سيما إذا ما تم النظر إلى تلك الآراء كمصدر إلهام وخلايا تفكير تستسقى منها الأفكار والمبادرات.
ولتتكامل مقالاتي في مجالي السياسات الاقتصادية والإدارة التنفيذية بالتوازي التي هي مثار اهتمامي في محاولة للإجابة عن أسئلة صعبة؛ يتعين أن أستعرض اليوم أسلوبا ملائما يحقق توازنا بين القضايا الكبرى التي يطلبها مجلس الوزراء في سياق عمل استراتيجي والأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية في سياق عمل يومي.
لا توجد صيغة سحرية تجعل أي منظمة حكومية تسير بفاعلية وتحقق مستهدفات كبرى وفي الوقت نفسه تطور أداءها المؤسسي اليومي، إلا من خلال بناء مؤشرات خاصة بالقضايا الكبيرة كمبادرات التحول الوطني والأولويات الاستراتيجية الملحة ومؤشرات أخرى رئيسة للأداء المؤسسي الداخلي؛ استخدام هذه المنهجية يعد متسقا مع طبيعة وغايات المنظمات الحكومية، كما أن التحولات الكبرى لا يفترض أن تؤثر في الأداء المؤسسي سلبا، وفي الوقت نفسه يصعب أن يتولى المسؤول الأول أعمال تسيير المنظمة الحكومية اليومية إلا من خلال مؤشرات أداء رئيسة خاصة بالإدارة التنفيذية، فما تلك المؤشرات القيادية التنفيذية التي ينبغي أن تفرض على جميع الأجهزة الحكومية لزيادة النضج المؤسسي؟
أول تلك المؤشرات الرئيسة التي تضغط على جميع مفاصل المنظمة للعمل بشكل تلقائي وكفء؛ مؤشرات الإنفاق التشغيلي ومؤشرا الإنفاق الرأسمالي والمشاريع، ومؤشرات جودة الخدمات التي تقدمها الجهة ومؤشرات رضا العملاء مستهلكي الخدمات الحكومية وأصحاب المصلحة.
ومرة أخرى؛ إذا لم تتوافر تلك المؤشرات على طاولة المسؤول الأول، فإن منظمته حتما غير ناضجة؛ وهذا ما يجعل المسؤول الأول المعين حديثا ينشغل بمهمة الإصلاح الداخلي؛ وقد لا يستطيع تحقيق مستهدفات القضايا الكبيرة التي تم تعيينه من أجلها أو قد يستغرق وقتا طويلا بعد تعيينه قبل أن يحقق أي مستهدف من مستهدفات القضايا الاستراتيجية؛ لذا أقترح إلزام جميع الأجهزة الحكومية بتصميم بطاقة مؤشرات أداء رئيسة مشتركة لجميع مؤسسات الدولة؛ كحد أدنى من معايير نضج مؤسسات الدولة، وتدقق النتائج من الجهات الرقابية متعددة الأطراف وتراجع من مجلس الشورى وتعلن نتائجها في الرأي العام كل ربع سنة؛ لتحفيز الإصلاحات وزيادة النضج.

إنشرها