Author

بنك التصدير والاستيراد .. وتنويع مصادر الدخل

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


في خطوة باتجاه زيادة حجم الصادرات غير النفطية لتحقيق رؤية المملكة 2030، تمت الموافقة على إنشاء بنك التصدير والاستيراد السعودي، بغرض دعم الصادرات غير النفطية لتصل إلى 50 في المائة مقارنة بالوضع الحالي، الذي لا تتجاوز الصادرات فيه 16 في المائة، وهذا يعد تطورا كبيرا. لكن كيف يمكن لبنك التصدير والاستيراد تحقيق ذلك رغم التحديات التي يمكن أن تواجه قطاع التصدير في ظل التقلبات التي تشهدها السوق بصورة عامة والمنافسة الكبيرة في الأسواق اليوم بغرض أن تحصل كل دولة في العالم على حصة أعلى من الصادرات في الأسواق، كما أن تخفيض تكلفة الإنتاج ودخول التقنية طرفا في الإنتاج والصناعة له دور في تعقيد تلك التحديات، ما يجعل الأمر فيه صعوبة بالغة؟
لا شك أن البرامج الاقتصادية التي تضمنتها رؤية المملكة 2030، أمامها تحديات كبيرة، ولهذا جاءت البرامج متكاملة وداعمة بصورة كبيرة لها من مختلف النواحي بما يخفف حدة هذه التحديات ويجعل لهذه البرامج ميزة نسبية، خصوصا أن انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية وضعها أمام قيود هذه المنظمة فيما يتعلق بتنافسية المنتج الوطني، ومن هنا تأتي أهمية الدعم بصورة تهيئ البيئة العامة في المملكة لزيادة الصادرات وتحقيق نتائج جيدة بصورة مستمرة باتجاه تحقيق رؤية المملكة 2030، وبنك التصدير والاستيراد يمكن أن يحقق نتائج جيدة في هذا الاتجاه بما يعزز كفاءة الاقتصاد ويدعم نموه في المملكة.
الصادرات - عموما - تدعم التدفقات النقدية من الخارج للمملكة، ففي الفترة القصيرة الماضية نما قطاع الخدمات "محليات" من خلال برامج الترفيه - على سبيل المثال - إضافة إلى قطاع المطاعم، وهذا له دور في تنمية الاقتصاد، لكن من خلال تدفقات نقدية محلية وليست من الخارج. لكن قطاعات مثل السياحة والصناعة بغرض التصدير، تدعم التدفقات النقدية من الخارج، وهذا له أهمية كبيرة، خصوصا مع تسرب كثير من الأموال إلى الخارج من خلال التحويلات الخارجية واستيراد السلع، إضافة إلى سياحة المواطنين في الخارج، ما يتطلب العمل على إعادة التدفقات النقدية من الخارج إلى الداخل، والتصدير يعد أحد أهم تلك الأدوات التي يمكن أن يعوض حجم التدفقات التي تذهب إلى الخارج.
التمويل يعد ركيزة أساسية لدعم الصناعة ومن ثم التصدير، حيث تعزيز فرص التمويل للصناع يمكن أن يعزز كفاءة صناعاتهم وتطويرها والزيادة في حجم الإنتاج والتقليل من تكلفة الإنتاج، وبالتالي زيادة تنافسيتهم في السوق، فهذا لا يدعم الصناع المحليين من المواطنين، بل يمكن أن يزيد فرص استقطاب الاستثمارات التي تبحث عن فرص أكبر للنجاح في مشاريعها في ظل التسهيلات التي تقدم لهم في المملكة، ومن ضمنها التمويل. كما أن الدعم لا يقتصر على المصنعين الذين يصدرون منتجاتهم إلى الخارج، بل إن الأمر يشمل المستوردين، حيث من يستورد من المنتجات المحلية أو الصناعات الوطنية، سيحصل على التمويل أيضا، وهذا سيزيد رغبة الشركات المستوردة للمنتجات الوطنية، حيث إنها عمليا تدفع قليلا إلى أن تتمكن من تسويق تلك المنتجات.
أحد البرامج التي يمكن أن يدعمها بنك التصدير والاستيراد، دعم برامج التسويق للمنتجات الوطنية، مثل المعارض والمنتديات واللقاءات والاجتماعات بين الصناع في المملكة ورجال الأعمال والمستوردين من الخارج.
ومن البرامج التي يمكن أن تحدث فارقا في قطاع الصناعة في المملكة، دعم إيجاد منصات للتسويق والتجارة الإلكترونية، حيث تسوق للمنتجات المحلية، مثل موقع علي بابا الذي أصبح إحدى أهم المنصات لتوزيع المنتجات الصينية. وقد يكون بإيجاد منصات جديدة للبيع ويركز على تسويق المنتجات المحلية أو تسويقها من خلال منصات عالمية، مثل "علي بابا" كما سبق، مع توفير وسائل النقل والبريد بتكلفة منخفضة لتسهيل عملية تصدير تلك البضائع.
الخلاصة: إنشاء بنك للتصدير والاستيراد سيكون له دور كبير في نمو حجم الصادرات السعودية ودعم الصناع في السوق المحلية وتوفير حلقة متكاملة من الدعم لقطاع الصناعة المحلي، الذي يمكن أن يزيد حجم الصادرات، وبالتالي تدفق العملات الرئيسة في الاقتصاد ودعم التحول الكبير الذي يتطلع إليه الوطن عام 2030 بتخفيف الاعتماد على النفط مصدرا لموارد الدولة.

إنشرها