Author

ماذا لو رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران؟ «2»

|
مختص في شؤون الطاقة


عودا على بدء، ذكرت في المقال السابق أن العقوبات الأمريكية الاقتصادية على الصادرات النفطية الإيرانية أسهمت في خفض المعروض وتخفيف آثار التخمة النفطية على أسواق النفط العالمية، وأنه لو لم يتم ذلك، وأعني هنا العقوبات الأمريكية على إيران، فإن الأسعار من وجهة نظر شخصية لم تكن لتصل إلى هذا المستوى الحالي بل أقل من ذلك بكثير إلا إذا توصلت "أوبك" والمنتجون المستقلون إلى تعميق خفض الإنتاج بصورة قوية تعادل ما منع تصديره من النفط الإيراني. السؤال الافتراضي الذي طرحته والذي أجد أهمية بالغة في تدبره واستشراف إمكانية حدوثه، فلا شيء مستحيل في عالم السياسة والمصالح، السؤال هو: "ماذا لو رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران بين عشية وضحاها؟ رفع العقوبات الأمريكية يعني عودة ما لا يقل عن 1.5 مليون برميل من النفط الإيراني إلى الأسواق، أي استقرار المنطقة وسلامة الإمدادات النفطية في حال كان سبب رفع العقوبات هو عودة النظام الإيراني إلى رشده واحترامه للأنظمة الدولية وحقوق دول الجوار ونبذ الإرهاب وأهله. رغم استحالة عودة النظام الإيراني إلى صوابه -من وجهة نظر شخصية- إلا أن حدوث ذلك سينعكس بلا شك على أسواق النفط وهذا ما يجب توقعه والاستعداد له. إذا حدث ذلك سيزداد المعروض النفطي وآثار التخمة النفطية في الأسواق، فكما ذكرت سابقا أن ذلك إن حدث فهو يعني بالضرورة استقرار العراق الشقيق وبالتالي سينعكس ذلك على إنتاجه أيضا. لو افترضنا جدلا أن ذلك سيؤول إلى عودة اثنين إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا إلى الأسواق فما الحلول المتاحة لـ"أوبك" والمنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا؟ أرى أن ذلك لو حدث في المدى القصير بالتزامن مع وضع الصين الاقتصادي الذي يعاني حربا تجارية تزامنت مع تفشي فيروس كورونا الجديد، وبالتزامن مع بلوغ إنتاج النفط الصخري إلى مستويات قياسية مع إمكانية نموه بحسب بعض التوقعات، أرى أنه ليس أمام "أوبك" والمنتجين المستقلين خيار إلا تعميق خفض الإنتاج بكمية تعادل ما تم ضخه للأسواق من إيران والعراق. المملكة كما عهدها العالم منذ تأسيسها لن تتأخر-في اعتقادي- عن عمل ما يجب عمله لاستقرار أسواق النفط العالمية، وكذلك حلفاؤها داخل "أوبك"، لكن هل ستستجيب إيران لهذه الخطوة؟ أم ستتحجج بصعوبة خفض الإنتاج وأنها مضطرة للإنتاج بالطاقة القصوى بعد رفع العقوبات عنها؟ أعتقد أنها ستفعل ذلك بناء على مواقفها التاريخية في هذا الصدد. هل ستتسق روسيا مع هكذا توجه من "أوبك" وتوافق على تعميق خفض إنتاجها؟ لعل ذلك ليس بالأمر السهل لكن هو بلا شك أقل صعوبة من إقناع إيران. هل ستتجاوب شركات النفط الصخري الأمريكي مع هذا الحدث وتخفض إنتاجها أم ستسبح عكس التيار حتى تنخفض أسعار النفط بصورة قوية ما سيسبب خروج كثير من الشركات النفطية الأمريكية من السوق قسريا لعدم جدوى الاستمرار اقتصاديا؟ هي بلا شك معادلة معقدة أصبح النفط الصخري الأمريكي أحد أركانها، فهل سيكون هناك تعاون مستقبلا بين هذه الأركان رغم صعوبة ذلك بسبب القوانين الأمريكية التي تقيد ذلك؟

إنشرها