Author

ماذا لو رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران؟ «1»

|
مختص في شؤون الطاقة


سلطت الضوء في سلسلة المقالات السابقة بعنوان "ست سنوات «سمان عجاف» على أسواق النفط" على حال أسواق النفط خلال الأعوام الستة السابقة التي صاحبها كثير من الأحداث الجوهرية والتقلبات السعرية. تناولت التخمة النفطية التي تضررت منها الدول المنتجة، وعرجت على أهم الأحداث التي أسهمت في تخفيف أو تعميق آثارها ومنها تباطؤ الاقتصاد العالمي وعلى رأسه اقتصاد الصين حيث وصل خام برنت إلى 27 دولارا للبرميل مطلع عام 2016. وسلطت الضوء على دور السعودية التاريخي وجهدها الاستثنائي الذي يشار إليه بالبنان والذي أدى إلى اتفاق تاريخي في نهاية عام 2016 لخفض الإنتاج بالتعاون بين "أوبك" والمنتجين المستقلين، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع عام 2017 وأسهم في ارتفاع أسعار النفط لكن بصورة بطيئة حتى وصل خام برنت إلى 65 دولارا للبرميل، لكن تزامن تأثير هذه الاتفاقية التاريخية مع بزوغ نجم النفط الصخري الذي قلل نوعا من تأثير الاتفاقية.
العقوبات الأمريكية الاقتصادية على الصادرات النفطية الإيرانية، أسهمت في خفض المعروض وتخفيف آثار التخمة النفطية في أسواق النفط العالمية. لو لم يتم ذلك، وأعني هنا العقوبات الأمريكية على إيران، أعتقد أن الأسعار لم تكن لتصل إلى هذا المستوى حاليا، بل أقل من ذلك بكثير إلا إذا توصلت "أوبك" والمنتجون المستقلون إلى تعميق خفض الإنتاج بصورة قوية تعادل ما تم منع تصديره من النفط الإيراني. السؤال الافتراضي الذي أجد أهمية بالغة في تدبره واستشراف إمكانية حدوثه، فلا شيء مستحيل في عالم السياسة والمصالح، السؤال هو "ماذا لو رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران بين عشية وضحاها؟" بداية وقبل الإجابة عن هذا السؤال "الافتراضي" أود أن أنوه إلى أن رفع العقوبات الأمريكية لأي سبب كان يعني عودة إيران التي تعد ثالث أكبر منتج للنفط في "أوبك" بمعدل 3.8 مليون برميل يوميا، منها 2.1 مليون برميل يوميا مخصص للصادرات إلى ما كانت عليه قبل العقوبات وربما أكثر، هذا يعني مزيدا من المعروض النفطي، ما سيزيد آثار التخمة النفطية. على أقل تقدير عودة 1.5 مليون برميل من النفط إلى الأسواق، رفع العقوبات على إيران في حال أصبحت إيران دولة تتسق مع الأعراف الدولية وحفظ حقوق دول الجوار وعدم التدخل في مصالحها، سينعكس من وجهة نظر شخصية على العراق واستقرار حالته الأمنية ما يعني ضخ مزيد من النفط في الأسواق. الإمدادات العالمية من النفط ستكون في مأمن في حال جنحت إيران إلى السلم، ما سيسهم في انخفاض أسعار النفط.
قد يعارضني البعض في إمكانية حدوث ذلك بسبب استحالة عودة نظام إيران الإرهابي إلى رشده وعقيدته السياسية التوسعية بتصدير الإرهاب عبر أذرعه المنتشرة في كثير من الدول العربية مع الأسف، أقول رغم أنني أشارككم تشاؤمي من إمكانية حدوث ذلك، إلا أنني أعتقد أن توقع جميع الاحتمالات دون استثناء والاستعداد لها من أبجديات علم الاستشراف، فهل سيكفي حينها تعميق خفض الإنتاج من "أوبك" والمنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا؟ ماذا لو حدث ذلك بالتزامن مع بطء النمو الاقتصادي في الصين؟ ماذا لو استقبلت الأسواق مزيدا من النفط الصخري الأمريكي؟ أسئلة مهمة في نظري جديرة بالإجابة في المقال المقبل بإذن الله.

إنشرها