فيلم «باد بويز 3» .. الخلطة السحرية بين الفكاهة والعنف
إن المزج ما بين الكوميديا والأكشن في عالم الأفلام السينمائية يعد من أجمل الأمور، إذ إن الفيلم الذي يمتاز بهذه الصفة يحلق في سماء الأكثر مشاهدة ويتربع على قلوب كثيرين، الذين أصبحوا يتوقون لمشاهدة فيلم خفيف بدلا من الأفلام الدسمة التي تزيد على كاهلهم التفكير والتحليل. ويحاول بعض الممثلين في الأونة الأخيرة دمج الأكشن بالكوميديا كالممثل جاكي شان الذي يدخل البسمة إلى قلب المشاهد مع صفعات متتالية على عقله، كذلك الممثل دوين جونسون الذي يبدع في مزج حركاته "الأكشنية" بعباراته المرحة، وأيضا لطالما أبدع النجم الأسمر ويل سميث في أدائه كمقاتل شرس يمزج بين الضرب المبرح لخصمه مع تدفقات متتالية من الفكاهة المطعمة بنوادر ومواقف كوميدية.
وضمن هذه النوعية من الأفلام، جاء فيلم «باد بويز فور لايف»، ليعزف فيها كل من النجمين مارتن لورنس وويل سميث على معزوفة الدماء الممزوجة بالقهقهات، جاعلين صالات العرض تضج بضحكات الحضور على وقع عديد من المواقف المضحكة التي يتعرض لها نجما هذا الفيلم، الذي برع مؤلفه في تضمينه حوار أكشن- كوميدي كافيا أن يخرج الفرد من كل هموم الحياة اليومية ويدخله في عالم خفيف لطيف.
بعد 25 عاما
بعد غياب 16 عاما عن شاشات السينما، يعود النجمان لتجسيد هاتين الشخصيتين في جزء ثالث لهذه السلسلة الناجحة، في فيلم بعنوان «باد بويز فور لايف»، تدور أحداث الفيلم بعد نحو 17 عاما من الجزء الثاني، و 25 عاما منذ الجزء الأول، وفيه نجد البطلين مايك لوري، يؤدي دوره الممثل ويل سميث، وهو يعاني اكتئاب مرحلة منتصف العمر، وماركوس بورنيت، يؤدي دوره الممثل مارتن لورنس، أمام مفترق طرق في حياتيهما. حيث يريد مايك الاستمرار بما يبدعان بالقيام به، ألا وهو قتل المجرمين من دون تمييز بطرق مبتكرة أثناء قيادة سيارات سريعة، لكن ماركوس مستعد للاستقرار بعدما أصبح لديه أحفاد. لكن عندما يظهر شبح من ماضي مايك بشكل مروع وعنيف، يضطر الثنائي لتقييم ما يهمهما حقا وما قد يفعلانه لحماية بعضهما بعضا.
إخراج مغربي بقالب هوليودي
يعد الفيلم الذي أخرجه عادل العربي وبلال فلاح، وأنتجه جيري بروكهايمر وويل سميث ودوج بلغراد تتمة لفيلم "باد بويز" (1995) و"باد بويز الثاني" (2003)، ويقوم مخرجاه مغربيا الأصل بعمل جيد جدا من خلال إضافة عنصر الحنين والتقدير للفيلمين السابقين وفي الوقت نفسه تحديث مظهر الفيلم حتى لا يبدو قديما عند مقارنته بأفلام الأكشن العصرية، فجاء فيلما ممزوجا بالأكشن والكلاسيكي والكوميديا، مع عنصر الإبداع في الإخراج، وليس غريبا أن يقدم كل من عادل العربي وبلال الفرح عملا ناجحا خاصة بعد أن ذاع صيتهما بالنجاح عند إخراجهما السلسلة التلفزيونية «سنوفال»، كما يعد فيلمهما «بلاك» الأكثر إثارة للجدل والمتابعة فقد شهد إقبالا جماهيريا كبيرا في بلجيكا ومنع في فرنسا بسبب مضامينه وتوج في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، ومن المقرر أن يخرجا مستقبلا الجزء الرابع من الفيلم الأسطوري «بيفرلي هيلز كوب».
وعلى الرغم من تضمين الفيلم عديدا من المشاهد التي تظهر علاقة البطلين ببعضهما التي يشوبها عديد من الخلافات، إلا أن لورنس وسميث برعا في تأدية دوريهما وكأنهما يمضيان وقتا ممتعا للغاية، حيث يحاول سميث إعادة التقاط روح الشباب التي تميز بها في الجزأين الأولين، وفي الوقت نفسه تجنب حقيقة أنهما أصبحا أكبر سنا، في حين لا يريد لورنس سوى أخذ إجازة بعيدا عن كل شيء، وهذا هو سياق السلسلة التي حرص القائمون على الفيلم الإبقاء عليها والحفاظ على عنصر الجدال والصراع ما بين الشخصيتين الرئيستين، حيث كان من الضروري استمرارهما في الجزء الثالث لأنهما جزء لا يتجزأ من سلسلة أفلام "باد بويز".
ومع دخولنا عام 2020 هناك جانب في الفيلم تم التعامل معه بشكل مختلف عن السابق نظرا لأن هذه الأفلام يمكن القول إنها كانت تلطف مسألة عنف الشرطة، وفي هذا الجزء الجديد أعمال الشرطة العسكرية، حيث يحاول الفيلم التأمل بعض الشيء في هذا الجانب وتسليط الضوء على فكرة تشجيع السلمية وتقبل الماضي. لكن ما ينقذ الفيلم في نهاية المطاف من أي انهيار قد يهاجمه به النقاد هو التزامه بعنصر المبالغة والكوميديا بالكامل حتى النهاية.
حبكة درامية أم سريالية؟
على الرغم من أن الشخصيتين الرئيستين في الفيلم هما حجر الأساس، إلا أن ما يبرز حقا بين بقية الممثلين هو الشرير آرماندو آرماس الذي يلعب دوره جايكوب سيبيو، الذي بفضل الحركات الخطيرة العبقرية والأكشن الرائع الذي يخوضه حيث يحصل على بعض اللحظات المذهلة والعنيفة، فهو يظهر كممثل موهوب لديه القصة الأكثر تكاملا في الفيلم، كما أنه في قلب الحبكة الفرعية الأكثر سريالية ما يجعله إحدى أكثر الشخصيات تسلية وتأثيرا. فبعد كل شيء، هو يسعى للانتقام من شرطي قتل عشرات الأشخاص بشكل منتظم.
يشار إلى أن سلسلة «باد بويز» مرت بعدة محاولات للتطوير على مدار العقد المقبل، مع عديد من الكتاب والمخرجين، وتم الإعلان عن مشروع الفيلم الأخير في أكتوبر 2018، واستمر التصوير خلال الفترة من يناير حتى يونيو 2019 في أتلانتا ميامي ومكسيكو سيتي.
ومع إصدار الجزء الثالث من سلسلة أفلام الحركة، يشير عديد من المصادر الإعلامية المتابعة، إلى أن شركة سوني للإنتاج السينمائي، الشركة المنتجة، تتخذ خطوات لتطوير جزء رابع، وبالتالي توسيع سلسلة أفلام الشرطيين، حيث ذكرت صحيفة «ذا هوليوود ريبورتر» أن كريس بريمنر، الذي عمل على فيلم "باد بويز فور لايف"، تم استخدامه في كتابة جزء رابع لهذه السلسلة التي بدأت عام 1995، ولعل براعة مخرجي الفيلم في المشهد الأخير منه خير دليل على هذا التوجه، حيث تم فيه زج ودمج كل الجهود والمؤثرات في خلطة واحدة تهيئ الأجواء للجزء الرابع القادم، وربما لمشوار طويل من الأجزاء يكون فيها ابن «مايك» محورها الرئيس، ليجدد مسار والده المهني في مكافحة الجريمة المنظمة.
يتصدر إيرادات أمريكا
تجدر الإشارة إلى أن الفيلم يهيمن على إيرادات شباك التذاكر، حيث بلغت إيراداته في شباك التذاكر العالمي حتى الآن 125.6 مليون دولار، حصد منها 86.6 مليون دولار في شباك التذاكر الأمريكي وجمع قرابة 39 مليون دولار في السوق الأجنبية، وتقدر ميزانية الفيلم الإجمالية بنحو 90 مليون دولار تقريبا، وفق موقع «بوكس أوفيس موجو».