محللون: حالة الإفراط في ارتفاع وانخفاض النفط لن تصمد طويلا .. السوق تميل للاستقرار

محللون: حالة الإفراط في ارتفاع وانخفاض النفط لن تصمد طويلا .. السوق تميل للاستقرار

مالت أسعار النفط الخام إلى الاستقرار النسبي، مع توجه اهتمام المستثمرين بالاتفاق التجاري الأولي بين الولايات المتحدة والصين، الذي سيتم توقيعه في واشنطن اليوم بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونائب الرئيس الصيني ليو هي.
وتراجعت المخاوف من التوترات في الشرق الأوسط مع تراجع وتيرة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، واستبعاد اللجوء إلى الخيار العسكري في ظل جهود إعادة الاستقرار في ليبيا، ووقف إطلاق النار المتوقع بين الأطراف المتصارعة.
ويواصل المنتجون في "أوبك+" جهودهم لتقليص وفرة المعروض النفطي من خلال إجراء تخفيضات الإنتاج الأعمق على مدار الربع الأول لعلاج وفرة المعروض وضعف الطلب الموسمي، بينما لا تزال المخزونات الأمريكية تسجل مستويات مرتفعة وتحول دون تحقيق مكاسب سعرية جيدة.
وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، إنه رغم التركيز على التوترات بين إيران والولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، إلا أن هدوء وتيرة الصراع جعل التركيز الأساسي في السوق يعود إلى الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خاصة مع ترقب ظهور اتفاق أولي مؤثر إلى النور بما يبدد مخاوف النمو ويزيح توقعات الركود عن كاهل الاقتصاد العالمي وينهي حربا تجارية استمرت نحو 18 شهرا.
وأشار المختصون إلى أن حالة الإفراط في الارتفاع أو الانخفاض في أسعار النفط الخام لن تصمد طويلا، وأن السوق تيميل إلى الاستقرار عند مستويات متوسطة للنفط.
وأوضحوا أن أبحاث لشركة ريستاد إنرجي تتوقع انخفاض أسعار برنت إلى ما دون 60 دولارا للبرميل -حتى في خضم تزايد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط- خلال العام الجاري، متوقعين أن تحالف "أوبك+" قد يتعرض إلى ضغوط لتعميق التخفيضات من أجل تفادي انخفاض آخر جديد في الأسعار.
وقال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إن الولايات المتحدة والصين على قناعة بأن تصعيد الحرب التجارية ليس في مصلحة أحد، وأن ذلك ينعكس بالسلب على النمو الاقتصادي العالمي، ويؤثر في شعبية الرئيس الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسية لهذا العام، ومن هنا تلاقت رغبة الجانبين في وقف التصعيد وإرسال رسائل إيجابية للأسواق العالمية خاصة لقطاع الطاقة.
وأكد أنه بالنسبة للصين يبدو أن توقيع اتفاق "المرحلة1" قد أعطى الحكومة شعورا جديدا بالتفاؤل بشأن توقعات النمو لعام 2020، موضحا أن هناك حالة من زيادة الثقة يتجه إليها الاقتصاد العالمي مع تنامي الآمال في نهاية الحرب التجارية.
وأشار إلى أن هذه الخطوة الجديدة الإيجابية ستدعم سعي بكين نحو تحقيق هدفها طويل الأمد المتمثل في مضاعفة مستوى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بحلول نهاية العام الجاري 2020.
من جانبه، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن الاقتصاد العالمي يتلقى دعما أيضا من إجراءات التحفيز الاقتصادي الضخمة التي تتخذها الصين، خوفا من زيادة أعباء الديون وهو ما جعل هدف النمو لعام 2020 من المرجح أن يكون نحو 6 في المائة في إطار خطة شاملة للحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام.
وتوقع أن يكون تباطؤ نمو الطلب على النفط الخام في الصين بشكل محدود هذا العام، وهو اتجاه لن يكون له تأثير كبير في سوق النفط العالمية، خاصة أنه يتواكب مع نمو أسرع في الاقتصادات الآسيوية الناشئة، خاصة الهند التي يتسع مستوى الطلب فيها على الطاقة التقليدية لخدمة احتياجات التنمية.
من ناحيتها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن الاتفاق الأولي لتحجيم النزاعات التجارية الأمريكية- الصينية هو خطوة مهمة لإنهاء الحرب التجارية، ويجب أن يتبعها خطوات أخرى لحماية الاقتصاد العالمي من التأثيرات السلبية من الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي لن يتم حسمها بشكل كامل وبات على المدى القصير.
وأوضحت أن الصراع في الشرق الأوسط له بالتأكيد تأثيرات واسعة في استقرار السوق النفطية، ولكن درجة المخاوف هبطت أخيرا بشكل ملحوظ.
وأشارت إلى أنه من الواضح أن تجار النفط يستبعدون احتمال حدوث انقطاع في الإمدادات النفطية، لافتة إلى أنه يتم تداول أسعار النفط حاليا دون المستوى الذي كانت عليه قبل الحوادث الأخيرة في العراق، ما يشير إلى أن الأسواق باتت أكثر اهتماما بضعف الطلب وزيادة العرض، مقارنة بالمخاطر الجيوسياسية التي ما زالت قائمة في المنطقة.
بدوره، قال أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، إن السوق النفطية تركز بالفعل على قضايا أخرى في الوقت الحالي أكثر من التوترات السياسية في الشرق الأوسط، وهو ما أكد عليه أحدث تقارير "كومرتس بنك" الدولي، حيث أشار إلى أن الصفقة التجارية لـ"المرحلة1" ربما لن توفر دفعة كبيرة للطلب، ولكنها تمنع حدوث تباطؤ إضافي في النمو.
وأشار إلى أن الطلب على النفط قد ينمو بأكثر من مليون برميل يوميا هذا العام -بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية- وهو ما يعني استمرار الفائض في المعروض في سوق النفط الخام.
ولفت إلى تركيز المنتجين في "أوبك" وخارجها على إجراء مراجعة مستمرة لأساسيات السوق، بما في ذلك الارتفاع المستمر لإمدادات النفط من خارج منظمة "أوبك" بقيادة النفط الصخري الزيتي الأمريكي.
وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط اليوم، بعد أن سجلت انخفاضا في الآونة الأخيرة، في الوقت الذي يركز فيه المستثمرون على توقيع اتفاق تجارة أولي بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين في العالم للنفط، وبفضل توقعات بانخفاض المخزونات الأمريكية.
لكن مكاسب الأسعار حد منها انحسار التوترات في الشرق الأوسط، مع تخلي طهران وواشنطن عن أي تصعيد إضافي بعد صدامات هذا الشهر.
وبحسب "رويترز"، ارتفع خام برنت بمقدار سنتين إلى 64.22 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:38 بتوقيت جرينتش. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربعة سنتات إلى 58.04 دولار للبرميل. وخسر الخامان القياسيان نحو 5 في المائة و6 في المائة على الترتيب في الأسبوع الماضي.
وقال إدوارد مويا المحلل لدى "أواندا للسمسرة": "أسعار النفط تنتعش قليلا، عقب بيع كثيف استمر أربعة أيام"، مشيرا إلى تفاؤل بشأن اتفاق تجارة وتبدد المخاوف بشأن نزاع بين الولايات المتحدة وإيران.
وتلقت أسعار النفط الدعم قبيل توقيع اتفاق "المرحلة1" التجاري بين الولايات المتحدة والصين في البيت الأبيض اليوم، ما يمثل خطوة كبيرة لإنهاء نزاع تسبب في خفض النمو العالمي وأضعف الطلب على النفط.
وتتعهد الصين بشراء إمدادات طاقة بقيمة تزيد على 50 مليار دولار من الولايات المتحدة على مدى العامين المقبلين وفقا لمصدر جرت إحاطته باتفاق التجارة.
على نحو منفصل، أظهر استطلاع أولي لـ"رويترز"، أن من المتوقع أن تكون مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام انخفضت الأسبوع الماضي.
وأظهرت بيانات اليوم، ارتفاع واردات الصين من النفط الخام في 2019 بنسبة 9.5 في المائة مقارنة بها قبل عام، لتسجل مستوى قياسيا للعام الـ17 على التوالي، إذ عزز نمو الطلب من المصافي التي شيدت في العام الماضي مشتريات أكبر مستورد في العالم للخام.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 66.07 دولار للبرميل اليوم الأول مقابل 67.02 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" اليوم، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق خامس انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.87 دولار للبرميل.

سمات

الأكثر قراءة