هناك اسم ينبغي البحث عنه في عام 2020: دينيس ريبريكوف. يريد عالم الأحياء الروسي المتحمس تعديل الجينات الوراثية لدى الأجنة البشرية لعلاج الصمم. إذا كان طموحه يبدو مألوفا، فذلك لأن العالم سلك بالفعل مسارا منشقا مماثلا.
في نهاية عام 2018 عدل عالم الفيزياء الحيوية الصيني، خي جيان كوي، الجينات الوراثية لبعض الأطفال، ليصبحوا بذلك أول أطفال في العالم يتم تعديل جيناتهم الوراثية، من خلال تعطيل جين متجانس الازدواج يعرف بـ CCR5، في محاولة لتحصين بنتين توأم ضد فيروس نقص المناعة البشرية. تجارب خي على حالات الحمل لدى البشر أثارت غضبا عالميا، نظرا لاحتمال تعرض الأطفال الرضع إلى آثار جانبية وراثية لا يمكن التنبؤ بها.
رد الفعل العكسي لم يقض على حماسة المنشقين مثل ريبريكوف، من جامعة بيروجوف الوطنية الروسية للأبحاث الطبية في موسكو، الذي ينتظر موافقة السلطات الروسية على هذا العمل. صندوق العجائب الذي انفتح في نهاية هذا العقد - فكرة تعديل الجينات الوراثية للبشر لاستبعاد الأمراض الوراثية، وربما من أجل تكوين جينات وراثية مثالية - قد يحدد تعريفا جيدا لهذا العلم في المستقبل. حتى أن أحد الخبراء ذهب إلى أن البشر قد يحتاجون إلى تغيير جيناتهم للنجاة من الاحتباس الحراري.
أصبح الغوص في الجينوم من أجل تعديله أمرا ممكنا – وغير مكلف وسهل - بفضل طريقة تعرف بـ Crispr/Cas9. هذه الطريقة، وهي أحد الإنجازات البارزة في العقد الماضي، ترسل إنزيما موجها إلى الجينوم لتعديل الحمض النووي. وهي تعد المكافئ الجزيئي لأسلوب التحرك والقص بناء على معلومات محددة: يمكن تعطيل الجينات المسببة للأمراض، وإزالتها، وتعديلها، بل وحتى استبدالها.
المهم هو أن هذه الطريقة ليست مضمونة. فهي يمكن أن تسبب تغييرات غير مقصودة في أجزاء أخرى من الجينوم. وبالفعل تمت ملاحظة هذه "الآثار غير المستهدفة" في أجنة حيوانية معدلة.
العبث في مرحلة جنينية مبكرة للغاية، كما فعل خي، يعني أيضا أن التعديلات تؤثر في الخلايا التناسلية، التي تعمل على إنتاج البويضات والحيوانات المنوية. مثل هذه التغييرات في"الخلية التناسلية" لا تؤثر في الجنين فحسب، بل أيضا في سلالته عبر الجينات الوراثية. هذا هو السبب في أن تعديل الخلية التناسلية لدى الأجنة البشرية، الذي يطلق عليه أيضا تعديل الجينوم الوراثي، أمر لا يمكن تصوره.
تعد رغبة خي في تجاوز هذا الخط الأحمر الأخلاقي أمرا تقشعر له الأبدان. ستحتاج المولودتان التوأم إلى متابعة مدى الحياة. مستقبلهما مقدر له أن يتبع سيناريو وراثي غامض. بل ليس مؤكدا أن المناعة الموعود بها ضد فيروس يمكن الوقاية منه وعلاجه قد تحققت. وحتى إذا تحققت فقد يكون هذا النصر المحدود مقابل ثمن. فالجينات المرتبطة بمرض معين تحمي أحيانا من أمراض أخرى. كما أن الطفرات في جين CCR5 مرتبطة بعمر افتراضي أقصر.
طالب كثيرون بتعليق تعديل الجينوم الوراثي. المطالبة بالتعليق لم تلق أذنا صاغية، ما جعل روبن لوفيل بادج، من معهد فرانسيس كريك في لندن، يشعر بالارتياح. ترأس البروفيسور لوفيل بادج مؤتمرا انعقد عام 2018 في هونج كونج، أعلن فيه خي عن اكتشافه المذهل. لوفيل بادج أيضا عضو في اللجنة الاستشارية في منظمة الصحة العالمية المعنية بحوكمة التكنولوجيا، التي ستصدر تقريرا هذا العام حول كيفية تنظيم الدول لهذا القطاع.
قال لي: "بعض الناس لن يرغبوا أبدا في السماح بالتعديل الجيني للخلية التناسلية لأنهم يعتقدون أنه أمر سيئ بالنسبة للإنسانية. ذلك يخيفني. لا أحب إغلاق الأبواب وقفلها. فكر في ظاهرة الاحتباس الحراري - ربما نحتاج إلى تعديل أنفسنا".
من خلال استهداف الصمم، وهو حالة غير قاتلة، يواجه ريبريكوف خطر جذب الانتقادات نفسها التي تعرض لها خي. لماذا تعدل الجينات لإصلاح مشكلة يمكن علاجها عند الولادة باستخدام زراعة القوقعة؟
علاوة على ذلك، الجين المذكور لا يسبب سوى فقدان بسيط في السمع لدى بعض الأشخاص. هذا يصل إلى قلب نقاش حساس لم يتمكن المجتمع من الخوض فيه: هل ستقضي التكنولوجيا الوراثية على المرض أو تمحو الاختلاف البشري؟ الرأي العام ينزع إلى دعم تعديل الجينوم فيما يتعلق بالأمراض الخطرة أو القاتلة، ماهو أقل من ذلك قد ننظر إليه على أنه تحسين. هناك استياء من أنه في كثير من المبادرات التي انطلقت في أعقاب فضيحة خي، لم يتم تمثيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في اتخاذ القرارات.
طوال الوقت، تنتشر طرق التحسين الوراثي. عالم وراثة من جامعة هارفارد يعمل على تصميم تطبيق خاص بالزواج لمطابقة العازبين استنادا إلى الحمض النووي الخاص بهم، بهدف القضاء على الأمراض الوراثية. في الوقت نفسه، شركة خصوبة ناشئة تقدم عمليات التلقيح الصناعي إلى جانب "تقارير" حول الأجنة الناتجة، بحيث تتوقع حالتهم الصحية ومستوى ذكائهم باستخدام تكنولوجيا تسمى polygenic scoring. وقد تمت إدانة كلا منهما باعتبارهما ضمن عمليات تحسين النسل.
ينبغي أن نسأل، من الذي يمكن أن يرغب في نماذج بشرية مثالية؟ يبدو أن الدولتين اللتين تثيران الغضب فيما يتعلق بتعديل الجينات الوراثية هما الصين وروسيا. تحدث فلاديمير بوتين عن طريقة يمكن أن تنشئ بها هذه التكنولوجيا في يوم من الأيام جنودا خارقين، لا يشعرون بالألم، أو الخوف، أو الأسف.
ربما يكون هذا هو الاتجاه الذي ينبغي أن نتطلع إليه عندما يتعلق الأمر بتعديل الجينوم: ليس الآباء الانتهازيين، بل الدول القومية التي تجمع جيوشا من المواطنين المخلصين المتفائلين.
